10 سبتمبر 2025
تسجيلبعد أزمة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري الذي يتراجع إلى أدنى مستوى له، يتعرض الاقتصاد إلى ضربات موجعة جديدة بعد أحداث العنف الأخيرة في سيناء، خاصة مع العد التنازلي للمؤتمر الاقتصادي الذي تعلق عليه مصر الكثير لانتشال الاقتصاد ودفعه للأمام من خلال الاستثمارات الجديدة، خاصة في القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية والخدمية التي تعد أهم المحاور الأساسية في التنمية المستدامة، والغريب أن بعض الخبراء ورجال أعمال يقولون بضعف تأثير العمليات الإرهابية الأخيرة على قمة مارس الاقتصادية، معتبرين أن الأحداث الأمنية لها تأثير نسبي قصير المدى على الاستثمارات، لأنها غير دائمة، خاصة أن المشروعات التي ستعرضها الحكومة على المستثمرين المشاركين في المؤتمر منها مشروعات قصيرة وطويلة الأمد، وأغلبها لا يقع في المناطق التي تشهد هذه الأحداث، ثم يرى البعض أن ما حدث ويحدث من أعمال إرهابية لن يؤثر على مصر أو على اقتصادها بشكل مباشر، ولاسيَّما أن العمليات الإرهابية تحدث في كل دول العالم بما فيها الأوروبية، ولا تعني بالضرورة ضعف المنظومة الأمنية، أو ضعف الدولة، كما أن ما تشهده مصر أحداث فردية، ليست حربا أهلية أو صراعات قوية كما يحدث في عدد من دول المنطقة، وهذا يعطي مصر الأفضلية للاستثمار في المنطقة بعد دولتي قطر والسعودية وباقي دول الخليج، وأن الاقتصاد المصري قادر على اجتياز هذه المعضلة في وقت قصير، كما حدث أثناء الهجمات الإرهابية على أمريكا في عام 2011 وتفجير برجي مركز التجارة العالمي، فإنها لم تؤثر على ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي، وكذلك ما شهدته العاصمة الفرنسية باريس مؤخرا، وعلى ذلك فإن الوضع يستدعي دورا أكبر لمبادرات سريعة لرجال الأعمال المصريين للعمل على تقوية الاقتصاد المصري، بما يؤدي إلى ثقة الأجانب في وجود أمن وأمان على أرض مصر، من خلال المشاركة في الاستثمارات المتاحة، حتى وإن حدثت محاولات إرهابية جديدة بغرض إجهاض جهود الدولة لإنعاش الاقتصاد، وإضعاف سمعة مصر الاستثمارية في العالم، ولاسيَّما أن المناطق التي تشهد عمليات العنف لا توجد فيها استثمارات مطروحة في أجندة المؤتمر الاقتصادي، الذي يعقد في شرم الشيخ وهي منطقة آمنة نسبيا من العمليات الإرهابية نتيجة لتكثيف وتشديد الإجراءات الأمنية، ونأمل أن يستمر تأمينها على النحو نفسه، ومع ذلك لا يمكن التقليل من قلق المستثمرين في قطاع السياحة ومن الآثار السلبية من تأثير الأحداث على حركة السياحة الوافدة أو على الرواج المتوقع للموسم السياحي الشتوي، على الرغم من أنها تتركز في الأقصر وأسوان والقاهرة، حيث تنشط بها السياحة الثقافية بشكل أكبر من السياحة الشاطئية، خاصة أن الاقتصاد على مفترق طرق بين الركود والتعافي من آثار الانعكاسات السلبية على مختلف أوجه الحياة الاقتصادية في السنوات الماضية، والتي واكبتها تداعيات الانهيار المالي التي امتدت إلى المؤسسات المالية والمصرفية والإيرادات العامة في معظم دول العالم، وأدت إلى خلخلة في أنظمتها الاقتصادية والصناعية، ولا شك أن الاقتصاد المصري قد تأثر بشدة بتأثير تلك المتغيرات العالمية والأوضاع الداخلية التي اتسمت بالسوء الشديد في المفاصل الاقتصادية الأساسية، التي أدت إلى التراجع الحاد في الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي تدنى إلى أقل من 15 مليار دولار أو يزيد قليلا، ولذلك لابد من السعي الدءوب إلى تحسين الموارد المتوافرة للخروج من هذه الأزمة الخانقة، التي ضخم من سلبياتها سوء استعمال الموارد وحجم الخسائر الناجمة عن سوء التنظيم وسوء الاستغلال الأمثل للموارد، والضربات المتوالية للإرهاب التي تضرب بعمق الكيان الاقتصادي ومكوناته الأساسية، وتنقل الانطباعات السلبية عن مناخ الاستثمار والسياحة، ناهيك عن الإجراءات البيروقراطية المتجذرة في العقلية الإدارية المصرية، التي تستظل تحت مظلة فساد إداري عميق، وتسببت في كثير من المخاوف والقلق على المستقبل، وفي توجس المستثمرين الأجانب والمحليين من الأوضاع السائدة، وكذلك الحذر الشديد من قبل دول أوروبا تجاه إلغاء تحذيرات السفر المفروضة على مصر، بعد زيادة أعداد السائحين الأوروبيين خلال شهر أكتوبر الماضي بنسبة 64% بالمقارنة بنفس الشهر خلال الفترات المماثلة، ذلك فإن تأثير هذه الضربات قد يمتد إلى بعض الوقت على الرؤية الدولية لاستقرار الأوضاع في مصر والذي يمثل تحديا لقدرة القطاع السياحي على الخروج من دائرة الانكماش التي يعاني منها منذ شهور، والتي تلامس بشدة الوضع الاقتصادي، رغم أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد أعلنت عن تحسن نظرتها المستقبلية للاقتصاد من سلبي إلى مستقر، وأعربت عن تفاؤلها بعودة نشاط السياحة الذي وصفته بالحيوي، بسبب عدم وقوع أحداث «إرهابية» ضد السياح منذ فبراير 2014، ومن المهم أن يشهد الوضع العام استقرارا أمنيا، حتى لا يتأثر الموسم السياحي في الفترة القادمة الذي يبدأ من الربع الثاني من العام الجاري، مع تكثيف الحملات والبرامج التسويقية السياحية عبر الأسواق السياحية العالمية والإقليمية، لجذب السياحة إلى مصر من خلال فتح أسواق سياحية جديدة.