17 سبتمبر 2025

تسجيل

إنما الأعمال بالنيات

04 فبراير 2015

لولا أهمية النية ، ما كان الإمام البخاري قد بدأ صحيحه بحديث إنما الأعمال بالنيات ، ولولا أهمية النية كذلك ، ما كان الأجر على مجرد العزم على فعل خير وإن لم يتحقق فعلياً لأي سبب .. وهذا يدعونا دوماً وأبداً الى إيلاء النية الإهتمام الأكبر في كل عمل نخطط القيام به ، وبالطبع أقصد النية الطيبة . الحديث الشريف ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى .. الى آخره ) يوضح حقيقة علمية معينة هي غاية في الأهمية ، تتمثل في أن النية يمكن أن نعتبرها شرارة أي عمل ، خيراً كان ذاك العمل أم الشر ذاته ! حين تنوي فعل أمر ما ، فإن ما تقوم به في الواقع العملي هو عملية إعداد ما يلزم لتوليد طاقة محددة لأجل تنفيذ أمر ما تخطط أو تعزم القيام به ، فإن نويت خيراً ، ستجد أن أجهزة جسمك كلها تتوافق مع نيتك الطيبة وتعمل لأجل ذلك الأمر وبكل أريحية ، ولكن سيحدث العكس ، حين تكون النية سيئة ، إذ تكفيك مشاعر التأنيب وعدم الارتياح ، فهي نوع من التعذيب النفسي قبل وقوع الفعل، فما بالك بعده ؟جانب آخر في موضوع النية ، هو أن بداية نشوء أي طاقة بالجسم تكون من النية القلبية، فكلما كانت النية واضحة المعالم ومحددة ، كلما كانت الطاقة المتولدة من بعد ذلك مركزة وتكون بكمية محددة تكفي لإنجاز ما نويت عليه. خذ على هذا مثالا.. حين تنوي أن تسافر بعد شهر من الآن لمهمة معينة ، تكون الطاقة التي تنشأ فيك لأجل أداء المهمة بطيئة ، وسرعتها تتناسب مع الزمن والأهمية ، فيما العكس لو أنك نويت أن تسافر بالغد لمهمة مستعجلة . ستجد أن مفاعلات إنتاج الطاقة فيك تشتغل بأقصى جهدها من لحظة النية وعقد العزم على السفر ، لماذا ؟ لأن الأمر مستعجل ومهم ولا يتحمل التأخير ، فتجد كل أجهزة جسمك مستنفرة لأداء أدوارها وتنفيذ المهمة ، الى درجة أنك حين تسافر تجد نفسك متوتراً قلقاً ترجو الله ألا تتعطل أو تواجهك مشكلات الطيران والمطارات وعذابات السفر المعروفة ، فإّذا ما انتهيت من المهمة بنجاح ووصلت مقصدك ، تشعر وكأن جبلاً عظيماً تمت إزاحته من على ظهرك ، وتشعر في حاجة ماسة للراحة والاسترخاء العميقين .. لماذا ؟ لأن كل أجهزة الجسم تكون أصابها التعب والنصب جراء حالة الطوارئ التي أعلنتها لأداء المهمة .. وظني أنك مررت بهذه الحالة ولو مرة في عمرك أو ستمر عليك لاحقاً في قادم الأيام ..