12 سبتمبر 2025

تسجيل

الحكومة الجديدة أمام انتظارات التونسيين (2)

04 فبراير 2014

أما الانتظار الثاني والمهم الذي ينتظره الشعب التونسي من حكومة السيد مهدي جمعة، فيتمثل في إلغاء مئات التعيينات والتسميات الإدارية التي قامت بها حركة النهضة، خلال الفترة الأخيرة، عشرة آلاف من التعيين حسب قانون العفو التشريعي العام، و2237 في المصالح العمومية، إذ لجأت النهضة إلى الأساليب نفسها التي كانت تمارس في العهد السابق، ولاسيما على صعيد التعيينات الوظيفية في مؤسسات الدولة، من أجل السيطرة على وزارة الداخلية، والإدارة التونسية. فالمتصفح في الرّائد الرّسمي للبلاد التونسيّة يلحظ الكمّ الهائل من قرارات التسميات الإداريّة، والمتأمّل فيها يكتشف خضوعها إلى منطق المحسوبيّة والمحاباة والمحاصصة الحزبيّة، وإلى العلاقات العائليّة والجهويّة، مّا يجعل من جهاز الدّولة أشبه بالغنيمة التّي يتنافس المنتصرون على اقتسامها. وقد أثرت هذه التعيينات القائمة على المحاباة والولاءات السياسية على المردودية والنجاعة للإدارة التونسية.في تقرير صدر مؤخرا بتونس، كشف السيد سامي الرمادي رئيس جمعية الشفافية المالية ما واجهته الإدارة التونسية بعد الثورة من الخالات، وقال إن التعيينات في الوظيفة العمومية قد أصبحت بالولاءات وهو ما يعني غياب مبدأ الشفافية وحرمان المعطلين من تكافؤ الفرص وعدم اتساع معايير الكفاءة وهو ما يعني حصول أكبر مظلمة. وأشار إلى وجود حوالي 7 آلاف تعيين في الوظيفة العمومية مبنية على ولاءات سياسية وآخرها ما يروج حول تعيين حوالي 533 قاضيا دون مناظرة. فقد تجاوزت التعيينات والانتدابات المباشرة في العفو التشريعي العام الـ10 آلاف تعيين ، حيث يوجد 20 في المئة منهم من أصحاب الشركات والأعمال الأخرى.. وهو ما يثير التساؤل حول أسباب عدم تقديم تعويضات لهم وإعطاء آخرين هذه الوظائف. ونالت حركة النهضة، الطرف المهيمن على الترويكا الحاكمة سابقا نصيب الأسد (حوالي 90 في المئة).وكان السيد سامي الرمادي رئيس جمعية الشفافية المالية طالب قبل حصول هذه التعيينات بتكوين لجنة تتكون من أعضاء من الحكومة وقضاة وممثلين من المجتمع المدني بقصد الاتفاق على التعيينات. وقال بأن هذا الاقتراح وصل حكومة السبسي قبل انتخابات 23 أكتوبر 2011، ثم لما تولت حكومة الترويكا في عهد حكم الإسلاميين، قامت بإلغاء هذا التمشي وقامت بالتعيينات الخاصة بها، وتصرفت لوحدها ودون أي شفافية. فهناك قرابة 11 ألف ملف للعفو التشريعي العام تم تعيينهم دون مراعاة مبدأ الحياد والشفافية.من الناحية التاريخية، كانت الوظيفة العمومية تضم 581 ألف موظف نهاية 2010 وهي اليوم تضم حوالي 700 ألف موظف مع نقص في الإنتاج والمردودية قدّره الاتحاد العام للمرفق العام وحياد الإدارة بـ50 في المئة.وكانت نسبة الموظفين في تونس حوالي 5.2 في المئة من الشعب التونسي، وإذا ما احتسبنا وجود 11 مليون تونسي اليوم، فإن نسبة الموظفين ستكون اليوم 6.3 في المئة، في حين أن هذه النسبة 3.5 في المئة في ألمانيا و2.7 في المئة في السويد.أما في المجال الاقتصادي، ينتظر الشعب التونسي من الحكومة الجديدة، أن تتخذ إجراءات عاجلة لوضع حدٍّ لتدهور المقدرة الشرائية للمواطنين ومراجعة ميزانية 2014 في اتجاه حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الملحة، ووضع برنامج وطني اقتصادي واجتماعي للنهوض بالمشروعات التنموية في الولايات المهمشة والفقيرة، وحل مشكلة البطالة.وكانت الأحزاب التي كانت معارضة لحكومة الترويكا قد هدّدت بمواصلة لعب الدور نفسه تجاه حكومة مهدي جمعة، لكنها وضعت شروطاً لذلك وهي حياد هذه الحكومة عن استقلاليتها، أو عدم تحقيق الأهداف المتضمنة في بنود خارطة الطريق (مراجعة التعيينات - حلّ رابطات حماية الثورة - تحييد الإدارة والمساجد..) أو إذا ما لاحظت هذه الأحزاب المعارضة فيها امتداداً ما لحكومة الترويكا (على غرار الإبقاء على وزراء من الحكومة السابقة أو من خلال تعيين أسماء محسوبة أو مقربة من أحزاب الترويكا الثلاثة أو من غيرها من الأحزاب الأخرى)، أو من خلال عدم توفير مناخ من الشفافية والنزاهة للانتخابات القادمة عبر تغليب مصلحة حزب على آخر.