13 سبتمبر 2025
تسجيلمزاعم وادعاءات وأكاذيب الصهاينة لم ولن تقف عند حد معين، ولا يستطيع امرؤ حصرها في هذه المساحة المحدودة بسبب كثرتها، بل واستمرار آلة المزاعم والأكاذيب الصهيونية في إنتاجها منذ أكثر من سبعة عقود مضت.. لكن يمكن ابراز واحدة من تلك المزاعم التي بدأت تتردد على المسامع مع ظهور مؤشرات هزيمتهم في غزة بإذن الله، تفيد بأن حماس تريد تدمير «إسرائيل» وإقامة دولة من النهر إلى البحر.. هذا تضليل للعالم أو محاولة جديدة من الكيان الغاصب هذا، اظهار نفسه في صورة ضحية مغلوب على أمرها، وتتعرض للاضطهاد من شعب غير متحضر يعيش بجانبه ولا يريد له أن يعيش بسلام ! هكذا يصور الكيان الغاصب الشعب الفلسطيني، الذي هو من يتعرض للقتل والتنكيل والتهجير والتدمير منذ أكثر من سبعة عقود، فيما العالم يسمع ويرى دون أن يحرك ساكنا. يريد الكيان الصهيوني هذا أن يقلب الآية ويعكس الأمور، ليقنع بذلك العالم أنه هو الأصل وأن الشعب الفلسطيني هو الطارئ أو الدخيل على الأرض، ولا شك أنه نجح طوال هذه السنوات العجاف في اقناع كثيرين حول العالم بذلك، حتى أنه فعل وما زال يفعل ما يريد دون أن يعير أحداً أي اهتمام، لكن طوفان الأقصى أوقف هذه العنجهية، وكشف زيف الرواية أو السردية الصهيونية، حتى بدأ كثيرون حول العالم يقفون لحظات لإعادة التفكر فيما جرى ويجري، ولماذا وقع طوفان الأقصى أساساً.. بدأت الرواية الفلسطينية بعد أحداث غزة المستمرة تأخذ وضعها الحقيقي، وتزايد عدد الراغبين في الانصات إليها وفهم ماهيتها وحقيقتها، ليجد كثيرون أن الآلة الإعلامية الصهيونية خدعتهم سنوات طوال، فما شاهدوا سوى ما أرادت وما زالت تريد الصهيونية أن يشاهده الآخرون، ولا يسمع أحد سوى ما تريده الصهيونية، وهكذا كانت الأمور حتى السابع من أكتوبر المجيد الفائت. • ما يقوم به المجاهدون الفلسطينيون من أفعال في غزة، إنما بلغة القانون ولغة العصر، فعل مقاومة. أي أنهم يقاومون محتلا، وفعلهم هو مقاومة احتلال، وهو مقبول ومدعوم من كل القوانين الدولية، ومن قبلها الأعراف ومعها المنطق السليم. إذ طالما هناك احتلال، فلابد أن تظهر مقاومة، وهذه بديهيات معروفة في تاريخ ثورات الأمم والشعوب، وهي تماماً الحاصل الآن في غزة، وليس كما تزعم وتفتري الآلة الصهيونية الإعلامية، ومحاولاتها الحثيثة لقلب الحقائق والأمور. • حماس ما دعت إلى تدمير وافناء اليهود أو ما يسمون أنفسهم «بالإسرائيليين» وإنما دعت لتحرير الأرض الفلسطينية المغتصبة بكل الطرق والوسائل المشروعة. على عكس الكيان الصهيوني الغاصب الذي دعا وما زال يدعو علانية إلى إبادة الشعب الفلسطيني أينما كان وظهر، والقيام بأفعال التطهير العرقي، والدعوة إلى محو غزة من الوجود، بل إن أحد المسؤولين منهم دعا إلى تحقيق ذلك الإفناء أو التدمير عبر قنبلة نووية ! فمن الذي يدعو إلى تدمير الآخر؟ • هذا الاحتلال البغيض لا يعترف أساساً بوجود دولة تسمى فلسطين أو شعب فلسطيني متجذرة أصوله في هذه الأرض، قبل أن تزحف عصابات الصهاينة إليها منذ بدايات القرن الفائت. فكيف يريد الصهاينة أن يعترف الفلسطينيون بوجودهم وهم أساساً لا يقومون بالفعل نفسه؟ أي منطق هذا الذي يسيرون على هداه؟ • كيف يريد الصهاينة من الفلسطينيين منحهم شرعية لوجودهم، وهم يحتلون أرضهم ويقومون بكل أفعال جرائم الحرب؟ كيف يريد الجاني المجرم من الضحية أن تعطيه الشرعية وتقبل به، وهو لا يتوانى لحظة في ذبحها والتنكيل بها واضطهادها وتهجيرها بكل ما أوتي من قوة ووسائل؟ لابد أمام كل حقائق المنطق السليم تلكم، أن يتعرف العالم من جديد على جوهر هذه القضية المزمنة، وأن هذا الكيان المسمى زوراً وبهتاناً باسم نبي من أنبياء الله « إسرائيل عليه السلام « كيان استعماري عنصري، لا يقبل أن يعيش معه شعب آخر، على رغم أنه هو من يحتل أرضه ويقوم بأفعال القتل والتهجير ضده. إنه كيان توسعي استيطاني لا يعترف بحدود، إلى الدرجة أنه لا يرضى رسم حدود ما احتله واغتصبه من أراضي أصحابها الحقيقيين التاريخيين. الكيان الصهيوني منذ أن اغتصب فلسطين وهو في سياساته ومشروعاته مستمر، متبعاً سياسة التدرج وفرض الأمر الواقع بقوة السلاح ودعم لا محدود من واشنطن وبعض مختلي العقل من اليمين المتطرف في الغرب. لكن بفضل الله، طوفان الأقصى كشف كل هذا الأمر وكل تلكم الحقائق التي كانت مغيّبة عن كثيرين في العالم، الذين أزال هذا الطوفان غشاوة غليظة عن عيونهم، فهالتهم بشاعة ووحشية المشاهد. المطلوب في ختام هذا الحديث، تكثيف الجهود عبر كل الوسائل الممكنة في نشر الحقائق وكشف زيف هذا الكيان، وبيان الدعم اللامحدود من الغرب له، فإن ما كان يرسم له الكيان طوال السبعين سنة الفائتة، يريد أن يكملها عبر احتلال غزة من جديد، ومن ثم يبتلع ما تبقى من الضفة، ليحتل كل أرض فلسطين، ليبدأ ينطلق في مشروعه التوسعي نحو الجوار المصري والأردني والسوري، وصولاً إلى تحقيق رؤيتهم « حدودك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات «. ولن يقف هذا الكيان ولن يرتدع ما لم يظهر له طوفان أقصى ثان وثالث وعاشر، يرهبه ويعيده إلى حجمه الحقيقي، وما أُخذ بالقوة، لا يُسترد إلا بالقوة. هكذا المنطق وهكذا يفهم هذا العدو وهذا المحتل الغريب.