18 سبتمبر 2025
تسجيلعلى قدر السنوات التي كنا في محيط المدارس، إلا أن تلك السنوات لم تكن بالنسبة لنا إلا الطريق الذي سنكون فيه مثل الجميع. لا تعتبر هذه الجملة مدحاً وليست بدرجة كبيرة ذماً. ولكن إن طرحنا السؤال على أنفسنا من حيث منجزات التعليم علينا كطبقة وسطى ممتدة وتتسع بشكل مستمر، فلم نتلق إلا الأساس الذي يجعلني أتشابه معك في الحساب ومستوى القراءة. بل وتشابه حتى معك في تعاملي الحياتي لما هو أساسي. أما كل شيء أعمق، فهو يعتبر حصيلتك أنت في اكتشاف ذاتك والحفاظ على خصوصيتك التي تميزك عن الآخر، وذلك بحسب حجم الطاقة التي تقدمها لنفسك وتقدمها لمن هم حولك. هنا تختلف. بل ويختلف معك استفرادك عن البقية، كونك سيد نفسك، وقِسْ تلك السيادة على عدة أمور لا تقف عند ماذا تقرأ، بل ماذا تعمل. ولا نختلف في هذه الحال كثيراً على قدر تشابهنا ببعضنا البعض، بل قد نتبع بعضنا في التقليد والتسابق على نفس القدر من التفكير المادي، باختلاف القدرة على التواصل ومستوى السيطرة الجماهرية التي سترفع أحدا على آخر وتعطي أولوية لطرف عن آخر. إذ تصبح القيمة الفعلية للجميع متشابهة، حتى ويصبح عامل النجاح المال أكثر من أي شيء آخر، ويتحول مستوى الشهرة إلى ظهور اجتماعي يحجب التعليم عن الاستهلاك، ويحجب النهضة عن الترفيه. بالتالي، تتشارك الأغلبية بشؤون المعيشة ومستوى الترفيه كأقصى همومها التي لا يستطع تداركها للوصول إلى مشاريع أكبر تضعه هو المحرك بدلاً من أن يكون مجرد وسيط لمشاريع أكبر حيث يكون فيها عاملاً منزوع الحيوية كقوة محركة تشبع رأسمالية ضخمة على حساب طبقة وسطى عرضية حتى تغيب فيها الحرفة إلى الوظيفة، وتتشابه طبيعة الأعمال وتتوحد من خلالها الإنتاجية للثروة لصالح رأس مالية أكبر تخدم أسياداً تفردوا عن المتشابهين. من هنا، وهذا الواقع العام، نجد أن هناك عدة أبعاد خضعت لها العامة وهي موحدة في التأمين على الترفيه والمعيشة. حيث يغيب العمق، وتفقد الحرفة، وتنتعش نظرية التفاهة عبر إخماد الفكر وتغييب الأدب الرفيع، إلى العقل الجمعي الذي يميل ويتفق على فهمه للأدب الشائع. إذ تنتج هذه الظواهر الضخمة الطفيليين على الثقافة ومستهلكي الثروة بشكلها المظهري والاستهلاكي المبالغ فيه. نحن في زمن لا يعتمد فقط على التعليم لتنشئة أجيال منافسة قد تتجاوز مبادئ ونهضة العصر، ولكن ان استمر الانسان أن يخضع للجماعة وتشابهه مع الآخرين، ففي نهاية الأمر سيكون حتماً جزءاً غير مكمل لاستمرارية المبدأ، بل ستظل الوسيط التي يعمل كقوة لتفريغ المبادئ جوهرياً. كما يظل وجوده مستمراً لإشباع حاجته من دون الإدراك العميق لقدراته ومهاراته الخاصة، وحسه الذي من خلاله يستطيع أن يعبر ويستطيع ان يكون الأنا التي تميزه عن الآخر. لا تشبع نظرية التفاهة ولن تقف، طالما ظل الانسان يلحق التوافه من أجل استدامة الترفيه والمظهر الاستهلاكي، ولن يتحرر الإنسان مالم يذق الاختلاف. فكل ما تحتاجه النظرية كي تنتعش مزيداً من المال، كثيراً من التشابه، وقليلاً من التميز! [email protected]