20 سبتمبر 2025

تسجيل

إطلاق الأحكام

04 يناير 2016

قد تقول رأيك في فلان وعلان وتحكم على هذا وذاك بحسب ما تتوفر لك من معطيات ومعلومات، سواء تطلّب الأمر إلى الحكم وإبداء الرأي، أو بادرت شخصياً إلى ذلك لسبب وآخر، ولن يحرمك أحد هذا الحق في إبداء الرأي ما دمت مراعياً لشروط ومعايير النقد وإبداء الرأي في الآخرين والتي أهمها عدم المس بذات الشخص أو الانتقاص من كرامته وإهانته، وغيرها من معايير، ليس المجال ها هنا اليوم للتعمق فيها.كما أنه ليس الحديث حول قضاة الدنيا، سواء كنت قاضياً فعلياً رسمياً أو قمت بتنصيب نفسك قاضياً تحكم على الناس وفق رؤى ومعلومات تراكمت عندك، وتقول عن هذا وذاك ما يحلو لك أو لآخرين، أو ما يخطر بذهنك.. إنما الحديث الموجز الذي أرغب العروج إليه هو عن قضاة الآخرة.بكل تأكيد لن ينبس أحد ببنت شفة، يوم القيامة حين يكون وقت الحكم قد أزف وحان من قبل الديّان - جل جلاله - على الناس والأحياء والمخلوقات جميعاً.. ولن يكون هناك قضاة بشريون يومها، لكن قضاة الآخرة المعنيين في موضوع اليوم، هم أولئك الناس وقد نصبوا أنفسهم قضاة، يدخلون هذا الجنة ويُخرجون آخر منها، أو يدخلون البعض جهنم ويخرجون آخرين منها!!ليس من شأنك أبداً أن تحكم على نهاية إنسان آخر أو تدخله النار أو الجنة، فإنك إن فعلت، تكون قد أدخلت نفسك مجالاً خطراً لست أنت من أهله ولا أي مخلوق، كما جاء في الحديث القدسي عن رجل يبشر آخر بالنار: "من ذا الذي يتألى علي؟ وعزتي وجلالي لأغفرنّ له وأدخله الجنة وأدخلك النار".هذا الأمر خاص بالخالق، وليس من شأني وشأنك وشأنه خوض هذا المجال، وتبشير فلان وعلان بجنة أو نار، وكلنا يدري الحديث الشريف: "غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ". أو قصة الرجل قاتل التسعة وتسعين شخصاً وكيف كانت نهايته.. لينشغل المرء بنفسه، فهذا أجدر من أن يهتم بفلان إن كان الله سيدخله ناره أو جنته.. ومتى استوعبنا هذا، اطمأنت النفوس وعملت لآخرتها كما يحب ربنا ويرضى.