20 أكتوبر 2025
تسجيلنبي هذه الأمة أفضل خلق الله على الإطلاق، وأمته هي خير الأمم، فهي ذات تاريخٍ مجيدٍ عريق اصطفاها الله واجتباها لتكون وارثة جميع الأمم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فكان ابتلاؤها موازياً لاصطفائها واجتبائها، ولقد عُذبت هذه الأمة في تاريخها الطويل على ثباتها على دينها ومنهجها ما لم يُعذّبه أحد من قبلها، وما فتئت محاولات الأعداء على اختلاف نحلهم ومللهم مستمرةً بالعذاب الواصب لإبادتها وإنهاء وجودها وطيّ صفحة وسجل تاريخها، فيخيبُ سعيُهم، ويبطلُ كيدهم، لأن الله قدّر لهذه الأمة البقاء إلى آخر الزمان، وقضى أن تكون العاقبةُ لها رغم كل المكائد التي لم تفتر، ونيران الحروب التي لم تخمد، والعذابات والآلام التي تُصبّ عليها صبّا.. وما هذا إلا لأن الله يريدُ الرحمة لهذه الأمة.. روى أبو داود في سننه عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذابٌ في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل ) والحديثُ صحّحه الحاكم والذهبي والألبانيّ وحسنه ابن حجر. وإني لألمحُ في هذا الحديث الجزاء والثواب المُدّخر الذي لا يكافئه ولا يدانيه كل بذلٍ وتضحيةٍ وجهادٍ وصبرٍ واحتساب، واضطهاد وقتل وتشريد وانتهاك للحرمات وتدميرٍ للبيوت فوق رؤوس ساكنيها. نعم، لا يكافئ هذا الجزاء شيء، يقول ابن القيم في إغاثة اللهفان: ( إن ما يصيب المؤمنين في الله تعالى مقرونٌ بالصبر والاحتساب، فإن فاتهم الرضا فمعولهم على الصبر وعلى الاحتساب، وذلك يخفف عنهم ثقل البلاء ومؤنته، فإنهم كلما شاهدوا العوض، هان عليهم تحمل المشاق والبلاء).