16 سبتمبر 2025
تسجيلتوفي الرئيس الكوبي فيدال كاسترو تاركا وراءه كوبيين يحتفلون في ميامي برحيله وكوبيين وجماهير في عديد دول العالم يترحمون عليه. الزعيم الكوبي كاسترو خلال أكثر من نصف قرن تحدى أمريكا وفرض أيديولوجيته ورؤيته لإدارة كوبا وعلاقاتها بالعالم الخارجي. كوبا التي دخلها كاسترو فاتحا في سنة 1959 كانت ذلك البلد الذي يعتبر الحديقة الخلفية للأمريكيين لقضاء نهاية الأسبوع في ملاهيها وحاناتها وكانت مثلها مثل الكثير من دول أمريكا اللاتينية غارقة في الجهل والفقر والفساد. الكثير يوجه انتقادات لاذعة لفيدال كاسترو كونه ديكتاتوريا معاديا للديمقراطية وحرية الفكر والرأي. من جانب آخر يشهد الكثيرون لفيدال كاسترو قضاءه على الأمية في الجزيرة وتطوير الرعاية الصحية وتوفيرها بالمجان لكل الكوبيين كما قضى نظام كاسترو على الأوبئة والأمراض الفتاكة من خلال سياسة صحية متميزة وناجحة.. يشهد كذلك لكوبا في عهد كاسترو تفوقها في المجال الرياضي ومنافستها للدول الكبرى في العالم في المجال الرياضي. فكوبا في الألعاب الأولمبية كانت تسيطر وتحصد العديد من الميداليات الذهبية في رياضة الملاكمة والرياضات الجماعية وألعاب القوى. حمل كاسترو في عام 1953 السلاح ضد نظام باتيستا بعد رفض دعواه القضائية التي اتهمه فيها بانتهاك الدستور، وقاد هجوما فاشلا على ثكنات مونكادا العسكرية في سانتياغو دي كوبا وسجن ثم عفي عنه بعد عامين.عاش كاسترو في منفى اختياري بالولايات المتحدة والمكسيك لمدة عامين ثم عاد إلى كوبا عام 1956 على رأس مجموعة قليلة من المتمردين أطلقت على نفسها "حركة 26 يوليو" وانضم إلى الزعيم الثوري أرنست تشي جيفارا وأطاح عام 1959 بحكم باتيستا الديكتاتوري. بدأ كاسترو خلافه مع الولايات المتحدة عندما أمم بعض الشركات الأمريكية العاملة في كوبا. وفي عام 1960 بدأ يشتري النفط من الاتحاد السوفيتي لسد احتياجات السوق المحلي، وعندما رفضت شركات تكرير النفط الأمريكية العاملة في كوبا تحسين شروط تكريرها للنفط وتوفيره في الأسواق أممها كاسترو، مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة وبدأت كوبا حينها التوجه للاتحاد السوفيتي. في فترة الحرب الباردة كان كاسترو يصر على أن أيديولوجية كوبية خالصة وكان يقول إنه "لا يوجد شيوعية ولا ماركسية، بل ديمقراطية نموذجية وعدالة اجتماعية في ظل اقتصاد منظم". أصبحت كوبا ساحة قتال إبان الحرب الباردة بسبب التقارب بينها وبين الاتحاد السوفيتي. وفي أبريل1961 قادت الولايات المتحدة محاولة فاشلة لإسقاط حكومة كاسترو بتجنيدها جيشا خاصا من المنفيين الكوبيين لغزو الجزيرة. وفي خليج الخنازير مني الغزاة بهزيمة نكراء وقتلت القوات الكوبية كثيرا منهم وأسرت ألفا آخرين. وبعد عام على محاولة الانقلاب الفاشلة رصدت طائرات الاستطلاع الأمريكية صواريخ سوفيتية متجهة إلى مواقع في أمريكا، الأمر الذي أصاب العالم بالفزع من الانزلاق إلى حرب نووية شاملة. ووقفت القوتان الأعظم في العالم وقفة الند للند، لكن الزعيم السوفيتي خروتشوف بادر بسحب الصواريخ من كوبا في مقابل سحب الأسلحة الأمريكية من تركيا. ومنذ ذلك الوقت أصبح كاسترو العدو الأول للولايات المتحدة، وحاولت الاستخبارات الأمريكية اغتياله أكثر من 600 مرة لكن من دون جدوى. زاد اعتماد كوبا على الاتحاد السوفيتي الذي ضخ أموالا إلى الجزيرة واشترى محصول قصب السكر مقابل عودة السفن إلى ميناء هافانا محملة بالسلع الأساسية عوضا على الحصار الأمريكي. ولكن رغم اعتماده على المساعدة الروسية كان كاسترو أحد أعمدة حركة عدم الانحياز التي تأسست في منصف الخمسينيات. كانت فترة الثمانينيات شديدة الوطأة على كوبا بسبب رفع موسكو دعمها عن الاقتصاد الكوبي برفضها شراء السكر الكوبي في وقت كان الحصار الاقتصادي الأمريكي يشتد على كوبا يوما بعد يوم. وضاقت على الشعب الكوبي الأرض. وفي منتصف التسعينيات فاض الكيل بكثير من الكوبيين الذين فروا بأفواج كبيرة إلى فلوريدا الأمريكية وغرق منهم الكثير. نجح كاسترو في توطيد علاقة بلاده بالكثير من قادة دول أمريكا اللاتينية الرافضين للهيمنة الأمريكية وفي مقدمتهم رؤساء فنزويلا والبرازيل اللذان يعتبران من أهم وأقوى دول هذه القارة.خلال فترة حكم كاسترو خطت كوبا خطى واسعة في مجالات عدة منها الرعاية الصحية التي أصبحت في عهده مجانية للجميع، وانخفضت معدلات وفيات الأطفال حتى أصبحت قريبة جدا من الدول الغربية المتقدمة، وكذلك في مجال التعليم حيث قضت الثورة الكوبية على الأمية التي كانت متفشية في عهد باتيستا.