26 أكتوبر 2025

تسجيل

نظرة على واقع ومستقبل الحالة المصرية

03 ديسمبر 2015

بعيدا عن الترويج والترويج المضاد، لا شك، أن "السيسي – الانقلاب" قد فشل فشلا ذريعا بعد أن أخذ كل الفرصة حتى الآن.. وفي تقديري أن هذا الفشل لا ينسب للسيسي وحده كشخص، رغم أنه أبرز أسباب هذا الفشل لتدني مستواه الذهني والفكري والكاريزمي ولقصوره الذاتي.. لكن الفاشل حقيقة هو كل الانقلاب وكل الذين صنعوه في الداخل والخارج. الانقلاب فشل في كل شيء تقريبا إلا في حشد المصريين ضده وتفهيمهم أنه وريث عهد وفساد مبارك وليس من المبالغة القول إن الانقلاب لم يحقق الهدف الأولي بأن ينجح – مجرد أن ينجح - في الخروج من حالة الارتباك والفوضى وفقدان الأمن التي أعقبته.. وأن يرسي الحياة اليومية للمصريين على البر.. هذا الهدف هو الحد الأدنى من النجاح لأي انقلاب وقد عجز عنه الانقلاب المصري رغم استخدامه الإرهاب القضائي والبطش الأمني وتسويقه الوهم والأكاذيب والترويجات ورغم كل الدعوم السخية الخارجية، ماليا وسياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا.هذه الأفشال تأخذ مواضعها في الخطر الجسيم من خلال ما صارت مصر مفتوحة عليه من احتمالات سوداء تزداد سوءا بتراكم الفشل يوما بعد يوم، فتلك داعش تتوغل في الحالة المصرية وتتجذر وربما تنتقل للصعيد فتكون حربا طائفية تغير جوهر الحالة المصرية، وهذه إسرائيل تفكر جديا في إعادة احتلال سيناء وإعلامها يناقش ذلك وصاروا يجرون استطلاعات رأي بهذا الخصوص، وذا النيل المقبل على الإقفار والإفقار بعد فشل محادثات سد النهضة وتحدي إثيوبيا لمصر.كذا الخليج في المجمل الذي لم يعد راغبا وربما لم يعد قادرا على مواصلة الدعم المالي للانقلاب، فضلا عن تغير اتجاهات الاهتمام الخارج خليجية.. فإذا أضفنا لكل ذلك خسارة الانقلاب كل الشرعيات التي حاول أن يتملكها (الشرعية الانتخابية، والشرعية الإنجازية، والشرعية الوطنية)، فكيف والمصريون يقارنون كل ذلك بنجاحات تركيا على يد النظام الشبيه بنظام مرسي؟. ما يخشاه الغرب وتخافه إسرائيل لدرجة الرهاب هو أن تؤدي هذه الاحتقانات لثورة لا تكون سلمية هذه المرة ، إن نجحت تجتث المجلس العسكري والتيارات التي اتكأ عليها الغرب لإحداث الانقلاب، وإن فشلت تفلج مصر وتبعثرها لتنساح عنفا وإرهابا وخطرا على كل المنطقة وبالأخص على ربيبتهم.. الغرب يعلم أن الإخوان لم يحملوا السلاح بعد – ولا يصدق دعايات الانقلاب الموجهة للرأي العام الداخلي حولهم – ولكن الغرب أيضا يخشى أن يتحول الإخوان إلى الثورة المسلحة أو ألا يسيطروا على توجهات الثورة نحو العنف.. ولعل ذلك هو الذي يدفعهم لمنعه من قتل القيادات الوازنة المعتقلة.ما نعرفه وخبرناه عن الغرب هو أنه لا ينتظر الأحداث، بل يصنعها، وأنه لا يكتفي بالاندهاش أمام الأحداث الكبيرة، بل يسبقها، وأنه يتصرف ببراجماتية وأحيانا على حساب المبادئ حيال ما لا يستطيع تطويعه لمراداته وأيديولوجياته، ذلك يعني أن هذا الغرب ومهما كان يرفض معطيات الديمقراطية في بلادنا سوف يحاول استباق الموجة الثورية القادمة بإحداث تغيير جوهري يفترض أن يتجاوز السيسي باعتباره أساس انفجار الحالة المصرية منذ الانقلاب البائس.السؤال هنا: إذا فكّر الغرب بإقالة السيسي - ويبدو أنها صارت مسألة وقت وتحضير للبديل - فهل إقالته ستكون دون إحداث تغييرات جوهرية في التعاطي مع المشكلات.. بتعبير آخر: هل الغرب يتجه إلى صناعة انقلاب عسكري آخر على غرار انقلاب السيسي ليستبدله بحاكم عسكري آخر؟ وهل ذلك لو حدث سيكون كافيا للحيلولة دون تحول الثورة لعنيفة وشاملة؟ فهل نضجت لدى الغرب فكرة – أو لنقل مشروع – مصالحة مع الشعب المصري والإخوان؟ وهل يمكن أن ينجح ذلك دون التفاوض مع الإخوان الذين صاروا عنوان الثورة؟ وإن تفاوض الغرب مع الإخوان فماذا سيعرض عليهم وعن ماذا يتنازلون له؟ وإذا طرح الغرب على الإخوان والثوار أن يعودوا إلى قسمة (ابقوا خارج اللعبة السياسية مقابل ألا تعتقلوا) فهل سيقبل الإخوان؟ آخر القول: الحالة المصرية الحالية وما وصل إليه حكم العسكر من منغلقات وأفشال تطرح أسئلة كثيرة حول ما يمكن أن يتداركه العالم من بقايا الكيان المصري، أما لماذا تطرح هذه الأسئلة على الغرب وليس على السيسي أو على الشعب المصري أو على الجامعة العربية، فلأن الغرب هو الذي يملك الانقلاب ويوجهه وتهمه مَصالحُه في مصر.