29 سبتمبر 2025
تسجيلشهد العالم كله التّقدم البارز للثوار الأحرار في سورية نحو العديد من أهدافهم رغم ارتفاع وتيرة الصراع بينهم وبين الجيش الأسدي والشبيحة الذين باتوا في معظم المواضع بموقف الدفاع، ولم يعودوا يتقدمون في المواجهات فعولوا على القصف الجوي العشوائي الذي يقتل ويجرح ويهدم ويحرق الممتلكات، وكذلك على الرمي المدفعي البعيد خوفا من نيران الجيش السوري الحر، ومن المقاومة الشعبية الباسلة التي أخذت تتمركز على طول البلاد وعرضها وتنصب حواجزها الوطنية بعدما دمرت حواجز اللانظام الأسدي، وألحقت به الكثير من الهزائم المنكرة، وهنا وإذ يتساءل الناس في هذا العالم: ما السر في إحراز الثورة السورية كثيرا من إنجازاتها المبهرة على الأرض ـ رغم تواضع العتاد مقابل الترسانة الهائلة الفتاكة التي يصب جحيمها المجرمون، على البلاد والعباد ـ؟، وما سر هذه البطولات الأسطورية التي لن ينساها التاريخ أبدًا، من شداة الحق والحرية والوطنية والعدالة؟، ونحن نقول لهم: يجب أن لا تعجبوا البتة، فإنه إذا عرف السبب، بطل العجب، حيث تمسك الأحرار بالإرادة الفولاذية، والتضحية الراسخة، منذ بدأت الثورة بسلميتها على مدى ستة أشهر ونصف الشهر، وقد اعترف الجزار بشار بهذا في إحدى خطبه وأنه كان قاسيا في التعامل معها، فلما انتقلت الثورة إلى الصراع المسلح مضطرة وبحسب الإمكانات المتاحة فقد تنامت التضحيات، وتعمقت الإرادات، التي أخذت تصنع المعجزات في مُضيِّها، وهي تهتف في وجه الوحوش المعتدين: أن من له الإرادة له القوة، ومن يصمم على الانتصار فإنه سيقترب منه عاجلا أو آجلا، وأن من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله (عرضه) فهو شهيد، كما قال رسول المرحمة والملحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الجهاد باب من أبواب الجنة كما قال علي رضي الله عنه، ولذا انطلقت أرتال الحق تترى، وتنادي بعضها بعضا من قادة ومقودين، إذا تقدمت فاتبعوني، وإذا تقهقرت فاقتلوني، وإذا قُتلت فاثأروا لي وأخذت تنشد: إنما الدنيا جهاد من ينم يومه داسته أقدام الرزايا ونظّم الجيش الحر صفوفه ورتبت المقاومة الشعبية وضعها ـ حسب الاستطاعة ـ وهبوا على بركة الله، متذكّرين أن هذه الثورة بدأت احتجاجاتها محدودة بالعشرات، وتحملت الشدائد والألاقي والسجون، ثم انطلقت شرارتها من درعا الأبية، منتصرة للأطفال الذين قلع المجرمون أظفار أيديهم وأرجلهم، فزادت المظاهرات إلى المئات، ثم الآلاف، منتقلة إلى سائر البقاع في وطن الشام الحبيب، حتى كانت تسجل في بعض الجمع ما بين ستمائة إلى ثمانمائة نقطة احتجاج في يوم واحد، ثم هدرت المسيرات بمئات الآلاف كما حدث في حماة ودير الزور، ولما امتشق المجاهدون سيوفهم وقرروا الدفاع عن حرماتهم، تنامت أعدادهم خصوصا الشباب، وهم حتى الآن ـ وعلى أقل تقدير ـ مع المنشقين يزيدون عن مائة وعشرين ألفا، هرعوا بكل عزم وحزم وإقدام وثبات، وصبر ومثابرة واصطبار على الآلام المروعة والملوعة، والمؤامرات الخبيثة على الشعب، من عصابات الأسد وممن يوالونهم، ويمدونهم بالخبرة والسلاح والرجال والمواقف السياسية، في مجلس الأمن وغيره كما هو معروف، وهؤلاء مثل إيران وروسيا والصين، وحزب الله والموالين له في لبنان والمالكي الغدار في العراق، هؤلاء المستبدون هم الذين يتفقون في المواقف مع المحتلين الصهاينة، المتربصين بالثّوّار، الداعمين للأسد المجرم كما صرح داني هارئيل، قائد المستوطنين في الجولان، بقوله: فلنضغط على العالم حتى لا يساعد على إسقاط الأسد ؛ لأن سلوكه أسهم في ازدهار المستوطنات لدينا، وكما قال الصحفي الإسرائيلي عانار شيلو: إن ذعرا يسود أروقة الجيش الإسرائيلية من إمكانية نجاح الثورة السورية، هذه الثورة الأكثر بطولة وتصميما، وإن إسرائيل أكثر الدول المعنية ببقاء الأسد. ونحن نقول ـ كما ذكرنا في مقالنا السابق ـ: إن الأسد مدعوم أمريكيا كذلك ؛ دعما لإسرائيل، وما العون الكلامي الأمريكي والأوروبي للثورة إلا إعلامي فقط، ورغم جميع هذا التآمر الدولي الذي ما زال يحشد أجندته لإبقاء الأسد، إلا أن الثّوّار رسخوا أقدامهم في الحلبة، ووضعوا على الجرح ملحا، وأعانهم الشعب البطل، الذي يعتبر الحاضن العظيم لتثبيتهم، إذ الكل يبذل لهم الغالي والنفيس، خصوصا النّساء اللّواتي يعملن على خدمتهم وإسعافهم والتضحية النادرة لأجلهم، ومع التعذيب المرير للمعتقلين والمعتقلات، فالكل ماض دون تردد حتى النصر. ولأن الثوار فهموا هذه المعادلة فقد أدركوا أن الإرادة سر النجاح، وأن خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، ولذا فقد أسقطوا وأعطبوا ـ حتى الآن ـ أكثر من مائة طائرة مروحية وحربية، وحرّقوا ودمروا كثيرا من دبابات النظام، وحرروا مئات الحواجز، وسيطروا على مطارات وأفواج وكتائب عديدة في البلاد، مما نقل النظام الأسدي من موقف الهجوم إلى موقف الدفاع، حيث وصلت هجمات الثوار إلى القصر الجمهوري ومحيطه وغنموا ما شاء الله أن يغنموا، ومع انشقاق عدد من الضباط والمدنيين مؤخرا فقد تحدثوا عن رعب رهيب يصيب جنود الأسد ليل نهار، وأن نظامه يتهاوى بلا شك، تحت ضربات الثوار، فهنيئا لكم أيها الأبطال إرادتَـكم التي يشحذها الضرب والنزال، وسيروا على بركة الله حتى التحرير وأنتم تهتفون مع عمر أبي ريشة: تقضي البطولة أن نمد جسومنا جسرا فقل لرفاقنا أن يعبروا