13 سبتمبر 2025

تسجيل

تنام عينك والمظلوم منتبه

03 نوفمبر 2014

أمر المُر الإحساس بالظلم، وأفدح مصاب موت حبيب حي بظلمه لك وأنت الوفي فلفظه قلبك، وكرهته روحك، وعافته نفسك، ولعل أجمل ما يمكن أن نهديه في يوم كيومنا، له منزلته عند ربنا حكاية أوردها الإمام الذهبي في كتاب "الكبائر" قال عن أحدهم أنه رأى رجلاً يسير في الطرقات مقطوع اليد من أعلى الكتف وهو ينادي ويقول: من رآني فلا يظلمن أحداً، يقول فتقدمت إليه وقلت له ما قصتك رحمك الله؟ قال كنت جباراً من الجبابرة، واعمل عند ظالم في الأرض، وفي يوم من الأيام وأنا أسير في الطريق مع الجنود إذ مررت بصياد لتوه قد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبني عظم حجمها، فقلت له اعطني السمكة فقال الصياد والله لا أعطيك إياها إني أبيعها قوتاً لعيالي ولا أملك إلا هذه السمكة، يقول فأخذتها منه بالقوة ودفعته، وركلته وأنا أمشي وبيدي هذه السمكة، وإذ تفتح فمها بقدرة الله وتعض على إبهامي، يقول فراودني وأتاني من الألم ما لا يعلمه إلا الله، وبدأ الألم يشتد ويزيد فشكوت للأطباء فقالوا لي هذه بداية "الأكلة" يعني "الغرغرينة" ولابد من قطع الإبهام وإن لم تقطعه فسيسري إلى كفك وتقطع كفك كلها يقول فقطعتها، وبعد أيام راودني الألم إلى كفي فشكوت للطبيب فقال لقد سرى إلى كفك وإن لم تقطعها فسيسري إلى ذراعك، يقول فقطعت الكف وما هي إلا أيام حتى سرى إلى الساعد فشكوت للطبيب فقال لقد سرى إلى الساعد وإن لم تقطعه فسيسري إلى اليد بأكملها فقطعت اليد من الساعد، وبعد أيام سرى الألم إلى العضد، إلى أعلى الكتف فشكوت للطبيب فقال اقطع اليد إلى أعلى الكتف وإلا سرى إلى جسدك كله وقتلك هذا الداء، فقطعت اليد بأكملها، فقال لي أحد الصالحين ما قصتك، وما خبرك هل فعلت شيئاً لأنك شارفت على الموت وكدت تهلك، وكل مدة تقطع جزءاً من جسدك، قال لقد أخذت سمكة من فقير فما كان لهذه السمكة إلا وعضدت على إبهامي، قال الرجل الصالح ابحث سريعاً عن هذا الرجل وتحلل منه، فوالله لو أنك تحللت منذ أن أخذت السمكة لم يقطع من جسدك عضو واحد حتى الإبهام، فقال بدأت أهيم على وجهي أبحث عن هذا الرجل في كل الطرقات حتى وجدته فانكببت بين قدميه أبكي وأنا أقول له سألتك بالله يا سيدي إلا عفوت عني وحللتني، فقال الصياد ومن أنت؟ فقال أنا الذي أخذت منك السمكة منذ زمن بعيد، فبكى الصياد لما رأى من حاله ما رأى وقال والله قد أبحتك وحللتك لما رأيت البلاء الذي حل بك، فقال مُغتصبُ السمكة للصياد سألتك بالله هل قلت بي شيئاً لما أخذت منك السمكة؟ قال الصياد نعم قلت فيك (اللهم إنك أريتني قوة هذا الظالم في ضعفي فأرني قوتك فيه)، فحدث ما حدث. فقال الرجل والله لا أعود إلى الظلم أبدا، وكان ينادي بالأسواق والطرقات من رآني فلا يظلمن أحداً، من رآني فلا يظلمن أحداً، وبعد هل نتقي دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين ربها حجاب؟ هل نرد المظالم وكل ما أخذناه بدون وجه حق؟ هل يرعوي المدير الذي ظلم؟ هل يتعظ الزوج الذي ظلم؟ هل يرجع عن غيه الصديق الذي ظلم؟ هل يستفيق التاجر الذي ظلم؟ وهل يمكن في زحمة الانشغال بالتخطيط للإضرار بالناس بأشكال من الظلم هل يمكن أن نتذكر قول الشاعر الجميل..لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا... فالظلم مرتعه يُفضي إلى الندمتنام عينك والمظلوم منتبه... يدعو عليك.. وعين الله لم تنم *** طبقات فوق الهمس* استوقفتني كلماتها عندما وصلنا إلى القلوب التي تعلن غير ما تبطن وعندما تسقط أقنعتها فجأة فنفزع لما نرى، قالت إن (عمر) رضي الله عنه قال لو اطلع الناس على قلوب بعضهم البعض لسلموا على بعضهم بالسيوف!! دعاني كلامها لأقلِّب النظر في ما نحمل من قلوب وأتفحص أحوالها لأجد حقيقة لا تخطئها عين وهي أن القلوب الطاهرة فعلاً نادرة، وما زلت أتفرج وأقابل بياضاً في الوجه، وسواداً في القلب، وأقول صدقت يا آمنة.* هل أنت من النوع الذي إذا ظهرت نعمة على أخيه بارك له وتمنى له الزيادة؟ أم أن عينك (صفرا) تستكثر على الناس نعم ربهم عليهم وتتمنى زوالها؟ هل أنت شهم لا تحتمل أن يسألك صاحب حاجة إلا وقضيتها له مهما كلفك الأمر؟ أم أن جلد حضرتك (مِتَمْسَح) وودن من طين وودن من عجين شعارك الدائم (حل عني)؟ هل أنت من الذين لا يتنازلون عن كرامتهم مهما كان الثمن، أم أن كرامة حضرتك عند اللزوم (ممسحة) حتى تصل إلى مصلحتك؟ هل أنت شهم عندما يحتاجك (أخوك) في أزمة يجدك أم أنك (......) من الذين يخبئون الآلاف تحت البلاطة ويقول (منين مكنش يتعز)؟ هل أنت من الذين إذا أكرمهم الناس بمعروف عاش وفياً لهم، ممتناً لصنيعهم أم أنك من الذين يبصقون في البئر التي أنقذتهم من عطش مميت؟ هل عشت الوفاء لصديق ارتقى فوق مرتبة الأخ فبذل لك وداً أسطورياً واستعد دوماً ليفديك بروحه، أم أن صداقتك (تيك أواي) ولم تسمع عن الوفاء إلا في الحواديت؟ التزامك ومبادئك هل تغيرها كما تغير أحذيتك وحسب الطقس، والزمان، والمكان؟ أم أنها راسخة كجبل لا تقبل التغيير؟ هل أنت صريح صادق لا يعجبك (مكيجة) الكلام والتلون أم أنك تساير المنافق، والكذاب، والدعي، وصاحب (التلت ورقات) خوفاً على مصلحتك؟ هل أنت أمين على من تعرف غائبين حاضرين، لا تقبل فيهم دنية، ولا قول سوء أم أنك لا تهتم ما داموا (مش سمعين)؟كل ما تقدم من أسئلة بمناسبة أن اليوم (عاشوراء) الذي يُكَفِّر عاما كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو فرصة (تصلِّح نفسك، لأن شكلك وحش، وحش قوي)!* إني وهبت لواهبي ظلميوشكرت ذاك له على علميرجعت إساءته عليهولي فضل فعاد مضاعف الجرمما زال يظلمني وأرحمهحتى رثيت له من الظلم"محمود الوراق"