15 سبتمبر 2025

تسجيل

فليسمع الأمريكان "هات اللي خبرك"

03 نوفمبر 2013

من أجمل التعليقات المحلية حول تورط الأجهزة الأمريكية في التنصت على مكالماتنا الهاتفية في السعودية أن 95 في المائة من تلك المكالمات التي تجاوز حجمها الـ 7 مليارات مكالمة كان مضمونها "اطلعوا أنا بره, أو جيب معاك خبز ولبن"، هكذا، بمعنى أن المخابرات الأمريكية لن تجد في مكالماتنا ما يُشبع نهمها سوى أنها حالة الخوف والفزع والترقب، ليس منا فقط كسعوديين أو حتى المسلمين والعرب, بل التجسس الأمريكي المكرس طال غالبية العالم حتى أصدقاء الولايات المتحدة وحلفائها؛ مما أحرج البيت الأبيض مع شعوب العالم وحكوماتهم, كما أن حالة تجسسية كهذه تفقد المعنى الحقيقي والكبير الذي تتشدق به الولايات المتحدة حين تنصب نفسها رمزاً للقوة والحامية الكبرى للحريات والحقوق في العالم, فما بال سياستها إذاً تنكفئ على الخوف والوهم وتذهب صوب التجسس كحال الدول البوليسية, أعتقد أن الحكومة الأمريكية تبعاً لحالة الفلس المالي الضخم الذي أضحى يهدد كيانها واستمرارها في أداء المهمات الفيدرالية ربما تخلت عن دفع فواتير التجسس للشركات المكلفة بالأمر فانفضح أمرها؛ وهذا أمر غير مستغرب على مجتمع يقوم على أسس الرأسمالية واستغلال الظروف للبحث عن الدولار أينما كان, فكما زينت الشركات المتجسسة للحكومة الأمريكية هذه العملية تبعاً لنفوذ القوى المؤثرة في مراكز القرار وتحقيقاً للمكاسب المالية بحجة الحفاظ على الأمن القومي، فهي نفسها من فضح سر الشخصية الأمريكية الوجلة, أيضاً للحدث جانب آخر وهو أن لا صديق دائما للولايات المتحدة  سوى إسرائيل، فهي الحليف الدائم، ربما لارتباطها بالنسيج السياسي الأمريكي؛ بل يذهب البعض على اعتبار أن الإدارة الأمريكية تأخذ توجهات قرارها من تل أبيب, أما سواها من الدول فبوصلة العلاقات معها تحددها المنفعة وحجم ما تدر من الدولارات, أما كيف نكون نحن السعوديين ومكالماتنا الهاتفية هدفاً لآلة التجسس فهذا غير مستبعد أو مستغرب، ليس بعد 11 سبتمبر فحسب؛ بل منذ زمن ونحن محل متابعة واستقراء من مراكز البحث الأمريكية، فهم يحللون كل شاردة وواردة منا, فقد كنت في العام 1994م أجري حواراً صحفياً مع الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي وهي سيدة فلسطينية هاجرت إلى أمريكا وانشغلت بترجمة الأدب العربي والاهتمام باستقراء الذهنية الأمريكية ؛ فتقول إن بعض خُطب المساجد في الرياض تتابع وتترجم وتحلل, فإذاً متابعة مكالماتنا وصلواتنا ليست بجديدة؛ فنحن في السعودية وعموم دول الجزيرة العربية محل مراقبة لهدف حفظ الأمن القومي الصهيوني, فالسعودي يوسف العبد الله حسبما رمز لاسمه وهو الباحث في تاريخ الصهيونية في جامعة السوربون الفرنسية الشهيرة اكتشف مخطوطا عمره ألف عام يرمز إلى خارطة الجزيرة العربية ومتضمناً شفرات ودلالات غريبة استطاع تعريبها بالآتي: "عيوننا تبقى ساهرة في مراقبة عدونا"، وبالبحث والتحليل وجد فريق عمل خصص نفسه لهذا الجانب بعد أن استفزته المعلومات حول هذا المشروع ؛ وجد أن  كاميرات "ساهر" التي تراقب الطرق المرورية في السعودية فتُرسل عبر شيفرة خاصة نسخاً من صورها إلى عنوان إلكتروني مجهول مما يؤكد أن هذا النظام مخترق رغم ما يقال عن خصوصيته؛ عموماً نحن تحت المجهر دائماً مرة برضانا ومرات عديدة عنوة وقسراً, ورغم وصول السيد جون كيري وزير الخارجية الأمريكية إلى الرياض اليوم ضمن جولة شرق أوسطية لتقريب وجهات النظر في الكثير من القضايا البينية العالقة؛ فهو يصل بوجه يتصنع الخجل بعد فضيحة التجسس ولكن تعودنا من الأمريكان عدم الخجل طويلاً ولديهم من عبارات التبرير ما يُغير وجه التاريخ؛ فهم من يستعدون العالم بسياستهم وهم من يفترضون العداوة وهم من يقتل القتيل ويمشي في جنازته تماماً كما في جنائز شهداء فلسطين وكل الدول التي تكون خيبة السياسة الأمريكية وراء مشاكلها, وفي الختام أدعو نفسي وإخواني السعوديين وكل العرب إلى تشفير مكالماتنا ليزداد المتنصت حنقاً، فبدلاً من "جيب خبز معك؛ خلوها هات اللي خبرك".