20 سبتمبر 2025

تسجيل

تركيا ولعبة الرؤوس الكبيرة

03 أكتوبر 2015

لم يقلب تعزيز روسيا وجودها العسكري في سوريا الموازين رأسا على عقب فقط بل أحدث بالفعل تغييرا إستراتيجيا في خريطة الصراع السياسي والعسكري. فأن تواجه فقط جيش النظام شيء وأن تصطدم بالقوات الروسية وصواريخها وطائراتها شيء آخر.ليست النوايا هي التي تحدد مسار الصراعات والمعارك بل المصالح. ومصلحة روسيا في حماية النظام سوريا إستراتيجية إلى الحد الأقصى يدفعها إلى ذلك عاملان أساسيان.الأول هو الاحتفاظ بموطئ قدم على المياه الدافئة في البحر المتوسط. لقد كان لروسيا أثناء الحرب الباردة وما بعدها حصة الأسد على المتوسط العربي من ليبيا إلى سوريا ومصر والجزائر.. لكنها تهاوت تدريجيا. وبعد الخروج الروسي من ليبيا بسبب تدخل الأطلسي لم يبق لروسيا عمليا سوى سوريا مع احتفاظها بعلاقات جيدة مع الجزائر. مع ذلك فالجزائر مختلفة في ظروفها الجيوبوليتيكة عن سوريا المحاذية لإسرائيل.لذا عندما فقدت روسيا ليبيا معمر القذافي باتت سوريا خط الدفاع الوحيد عن المصالح الروسية في المياه المتوسطية الدافئة. ورغم التدخل الروسي المباشر فقد جاءت الخطة هذه متأخرة قياسا على تدخلات الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها.السبب الثاني الإستراتيجي للتدخل الروسي المباشر في سوريا هو الخوف من انتقال نشاط التنظيمات الإسلامية المتشددة من سوريا والعراق إلى الداخل الروسي نفسه خصوصا أن الآلاف من المقاتلين في صفوف هذه التنظيمات هم من الجمهوريات التي تقع داخل الاتحاد الروسي نفسه من الشيشان وداغستان وتتارستان وما إلى ذلك.وفي حال سقطت سوريا بيد هؤلاء فستكون محطتهم المقبلة داخل روسيا نفسها من هنا إقدام روسيا على خطوة التدخل المباشر في سوريا وعلى أعلى المستويات العسكرية.ولن يستطيع أحد أن يعترض على هذا التدخل في وقت سبق الجميع روسيا إليه.الخطوة الروسية هذه تعني تركيا أكثر من أي دولة أخرى. فروسيا هي الجارة الشمالية لتركيا فيما سوريا جارتها الجنوبية. ومعظم المقاتلين الإسلاميين المتطرفين يتدفقون من القوقاز وغيره إلى سوريا عبر تركيا.. وعندما يحين موعد العد العكسي فإن هؤلاء سيغادرون سوريا إلى روسيا أيضا عبر تركيا.حتى عشية الخطوة الروسية كانت تركيا لا تزال ترفع شعار إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا. رغم أن هذه الفكرة طرحت منذ بداية الأزمة السورية لكنها لم تبصر النور. الآن تركيا تواجه اعتراضا من الغرب رغم أن أزمة اللاجئين تضغط على الجميع. وتركيا لا تزال تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد وترى أنه لا يمكن التوصل إلى حل سلمي في سوريا في ظل وجود الأسد.تركيا من الدول التي بدأت ترسل إشارات تبدل في الموقف. رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان زار موسكو ومن هناك أطلق تصريحا هو الأول من نوعه يقول فيه إنه يمكن أن يكون الأسد جزءا من المرحلة الانتقالية. ومع أنه شدد على أن لا دور للأسد مستقبلا غير أن هذا الموقف كان نقطة تحول قياسا إلى المواقف التركية السابقة.لكن ومن الأمم المتحدة أعلن رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو أنه لا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية متعارضا بذلك مع موقف أردوغان.