18 سبتمبر 2025

تسجيل

إسلاميو لبنان والبحث عن السند

03 أكتوبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شكل الانقلاب العسكري في مصر على جماعة الإخوان المسلمين الضوء الأخضر لبدء مرحلة جديدة من استهداف المشروع الإسلامي في المنطقة، تنفيذاً لمخطط من الواضح أنه تم التحضير له بعناية. في بعض الأقطار نجح المخطط كما حصل في مصر، وفي أقطار أخرى قارب النجاح كما في اليمن، وأقطار مازالت تصارع كما في ليبيا، وأقطار مازالت صامدة، تنحني للعواصف التي تضربها، وتتجنب الصدام ولو كلف تنازلات كما في تونس. لبنان، رغم قربه الجغرافي من هذه البقاع المشتعلة، إلا أنه بقي بعيداً عن التأثر بما يجري حوله. فلا الإسلاميون في لبنان استفادوا من تصدر الحركة الإسلامية ووصولهم إلى الحكم في أقطار الربيع العربي، ولا هم تضرروا من الانقلاب الذي تم عليهم. فالخصوصية اللبنانية بتشكيلتها الطائفية الملونة، والضعف الذي يلازم الساحة الإسلامية لأسباب بعضها مبرر وبعضها الآخر لا تبرير له، إضافة لاعتدال الإسلاميين اللبنانيين، كل ذلك أبعدهم عن أن يكونوا هدفاً يستحق المواجهة. فليس سراً أن الأغلبية الساحقة من المسلمين السنة في لبنان يؤيدون تيار المستقبل، وهو يشكل المرجعية السياسية لهم. هذا التيار وإن كان لا يجاهر بعدائه للمشروع الإسلامي، إلا أن امتداداته الخارجية واضحة في العداء له. أما المرجعية الدينية المتمثلة بدار الفتوى ومفتي الجمهورية، فقد جرى مؤخراً استيعابها والالتفاف عليها برعاية مصرية مباشرة ومعلنة، فتمت تسوية جمعت الأعداء، لتحقيق هدف مشترك هو إبعاد الإسلاميين عن أي دور محتمل، وكان من ثمرات هذه التسوية انتخاب مفت للجمهورية مقرب من تيار المستقبل. العلاقة بين الإسلاميين والقوى الأخرى لم تكن يوماً جيدة، فكلا الطرفين يدركان أن رؤيته ومشروعه لا يلتقي مع الآخر، لكن هذا الواقع لم يتطور إلى مواجهة مباشرة. هذا لا ينفي حصول استثناءات جعلت الإسلاميين هدفاً، كما في أحداث الضنية (عام 2000)، ومواجهات مخيم نهر البارد مع تنظيم فتح الإسلام (عام 2007)، وظاهرة الشيخ أحمد الأسير (عام 2013)، لكن سرعان ما كانت تتم محاصرة هذه الظواهر والقضاء عليها ومحاصرة تأثيراتها. العلاقة المتشجنة مع الإسلاميين استمرت إلى أن بزغ نجم هيئة العلماء المسلمين قبل أكثر من عامين. هذه الهيئة التي تشير صفحتها الإلكترونية إلى أنها تضم تحت لوائها أكثر من خمسمائة عالم من مختلف الأراضي اللبنانية. تجربة هيئة العلماء في السعي لجمع كلمة الساحة الإسلامية ليست الأولى، فقد سبق قيام تجمعات وهيئات، افتقدت التأثير بسبب تبعيتها لجهات محددة، وتأديتها أدواراً رسمها لها أولياء نعمتها، "كتجمع العلماء المسلمين" الذي يقتصر دوره على توزيع بيان إعلامي يصله جاهزاً من أحد مكاتب حزب الله، وأيضاً "جبهة العمل الإسلامي" التي بات واضحاً أن صلاحيتها انتهت، فعادت مكوّناتها للفرقة والتناحر كما كانت، يجمعهم الشيك المصرفي الذي يصلهم من بنك صادرات إيران نهاية كل شهر. لذلك لم تشعر القوى اللبنانية الأخرى بأن هذه الهيئات تشكل خطراً، لاسيَّما أنها تحظى بغطاء سياسي ومالي وعسكري من قوى نافذة. لعلّ هذا الأمر هو الذي يميّز هيئة علماء المسلمين، لكنه أيضاً أبرز مشاكلها. فحتى يومنا هذا لم تحظَ الهيئة بأي غطاء أو دعم من أي طرف، سواء كان داخلياً أو خارجياً، ومن الأمثال المعروفة في لبنان "من ليس له ظهر يؤلمه بطنه"، وبما أن هيئة العلماء المسلمين لم تحظَ بظهر، فإنها تعاني من أوجاع بطن كثيرة، أحد وجوهها الأداء المتواضع الذي تقدمه نظراً لإمكاناتها المحدودة، وغياب الضابط الذي يوحّد جهود علمائها، ويؤدي في بعض الأحيان إلى عدم الانسجام بينهم، هذا بالإضافة إلى نقمة بعض القوى عليها، وحرصهم على إفشالها في أي جهد تقوم به. محاربة الساحة الإسلامية ليس جديداً، وهو بدأ منذ تسلمت الوصاية السورية مقاليد الأمور في لبنان عام 1989، وهي كانت حريصة على قمع الإسلاميين والقضاء على رموزهم، بالقتل أو الاعتقال أو التهديد، ويُخشى أن يتكرر السيناريو نفسه في المرحلة المقبلة فنشهد ما يتجاوز التضييق، وهو أمر ستكون له تبعات ونتائج ربما ليست في حسبان أحد.