11 سبتمبر 2025

تسجيل

ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيا من حيّ عن بينة !

03 أكتوبر 2013

القدس اليوم تهود، والأقصى يقسّم، والاستيطان يستشري في أوصال فلسطين، والقضية تصفى، وآخر مكتسبات ثورة مائة عام تتبخر وتتبدد.. فيما الفلسطينيون إما محاصر مستهدف، ويواجه بما تبقى من لحمه الحي، ويضحي بقياداته، ويصمد قدر جهده ، وفريق آخر غارق في الفساد والاستبداد متآمر مع المحتل.. وفي مصر اليوم فئة منكَرة تقترب بها من الهاوية وتضعها على شفير الانهيار الكامل والثورة المسلحة التي ستهدم – لا قدر الله - ما انبنى فيها منذ سبعة آلاف سنة ؛ فيما المصريون إما مسالم يريد الديمقراطية ثائر على عهود الاستبداد والفساد والكبت والخيانة والسرقة آملا طامعا في مستقبل أفضل، ويقدم في سبيل ذلك روحه وولده وماله وحريته، أو آخر يمارس القتل ويتآمر على مصر ودينها وعروبتها وعلى كيانها ومكانها ومكانتها وإمكاناتها.. السيسي قال يوم 3 / 8 الماضي لصحيفة الواشنطن بوست "المشكلة مع مرسي والإخوان عقيدتهم القائمة على استعادة الخلافة الإسلامية".. مثل ذلك قل عن سوريا التي تتفتت الآن وتنخرها الحزازات الطائفية ويهلكها الاستبداد المقيت.. والناس هناك أيضا ناسان.. وأقول: لكل أمة أعداء، ونحن كأمة محترمة ولدينا من التاريخ والجغرافيا والدين والثقافة والإمكانات ما يميزنا عن الآخرين وما نحسد عليه.. كالناس تماما في ذلك، ولا بد أن يكون لنا أعداء.. غير أننا تمارس علينا ألوان وأصناف من الترهيب والتغفيل والاختراق الفكري والسياسي والأمني تجعلنا في كثير من البلدان والأحيان والأحوال لقمة سائغة وثروة مكشوفة.. المشكلة الكبيرة والخطيرة ليست في العداوة الخارجية الواردة من وراء الحدود الدينية والسياسية والقومية والجغرافية والمتوقعة على أي حال، ولكنها بل جوهرها أن فينا من آمن بفري العدو ومقولاته إلى حد تبنيها والمنافحة عنها أو أخذته رعدة الخوف والتلبك إلى حد التسليم بالهزيمة وتقديم كل شيء.  ذلك خلط الباطل والكذب والتزييف بالحق، ودثر الاستخذاء والجبن والتفريط بالواقعية، وخلط الجاهلية السوداء المقيتة البغيضة بالإسلام، وركّب العمالة والتزييف والتخريب على الوطنية.. فظهر فينا المنماعون فكريا المتهرئون أخلاقيا الممالئون الباطل يسندونه ويؤمنون بقوته أكثر من إيمانهم بقوة الله تعالى وبغلبة قَدَرِه، هؤلاء اقتنعوا أن صراع أعدائنا معنا هو محدود ضد فئة دون الكل (ضد الإرهاب دون الإسلام في الأمة، وضد حماس دون فتح في فلسطين، وضد حزب نصر الله دون تيار المستقبل في لبنان، وضد السنة دون الشيعة في العراق وسوريا، وضد طالبان دون كرازاي في أفغانستان، وضد الإخوان دون حزب النور السلفي والعلمانيين واللبراليين في مصر.. إلخ).. فتبلبلت أفكارهم وزورت الحقائق بين أيديهم.. وفقدنا الثور الأبيض وإن لم نتدارك الأسود والأحمر فقد نفقدهما غدا.  أقصد هنا الفئة الذين لا ينقصهم الإخلاص بقدر ما تنقصهم الثقافة والوعي الاستراتيجي والحذر من الخدع والدعايات فانطلت عليهم الإشاعات.. وأقصد أولئك (الغلابة) والفقراء والمعدمين الذين لا يزالون عميا وصما وبكما عن جرائم بعض الأنظمة ولا يزالون يدافعون عنها، واقصد بها في مصر الذين يصلون ويصومون وربما يقومون الليل ثم فوّضوا السيسي بقتل إخوانهم المسالمين المظلومين وأيدوا انقلابه الفاسد الغادر وليس لهم فيه ناقة ولا بعير ولا حتى جزرة ولا لقمة، وأقصد بها أنصاف المثقفين وأرباعهم وأعشارهم الذين لا يزالون يدافعون عن بشار القاتل بعد أن قتل ما يقارب المائتي ألف وشرد الملايين ودمر البلاد وأذل العباد.. وأقصد بها الثوار في فلسطين الذين في سجلاتهم عشرات السنين ومئات الشهور وآلاف الأيام من السجن والاعتقال وهدمت في ذلك بيوتهم وصودرت أراضيهم ثم هم اليوم يدافعون عن المفاوضات العبثية ويتآمرون على المقاومة النظيفة الشريفة وينساقون مع من فوقهم من عملاء الاحتلال المنسقين أمنيا واستخباريا معه.. ومثل هؤلاء وهؤلاء صرنا نرى ونسمع في أكثر من مكان.  ولست أقصد ولا أعول على كرازايات المنطقة وعملائها الذين هم والأعداء جهة واحدة ومعسكر واحد وفاشية وجاهلية واحدة تفوق كراهيتها للإسلام والعروبة ما كان لدى أبي جهل وأبي لهب وعتبة وفارس القديمة والروم.. كما لا أقصد الأذيال والأتباع ولا الانقلابيين في مصر، ولا الطائفيين في العراق وسوريا وإيران، ولا المتعاونين مع الاحتلال في فلسطين، ولا الذين يحملون على الإسلام ويتآمرون على الأمة من المشايخ والمفتين والخطباء والمثقفين والإعلاميين.. فهؤلاء فاق انحرافهم أي إصلاح، واتسع خرق دينهم على الرتق، وتخطت نفاقيتهم وقاحة وصراحة ودموية نفاقية ابن سلول وابن سبأ من بعده وابن العلقمي من بعد بعده.  آخر القول: لقد صار الطريقان اليوم واضحيْن بيّنيْن، (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيّ عن بينة) فإما إلى الإسلام والعروبة والسلام والحضارة والأخلاق والوطنية، وهو طريق له رموزه وأبطاله وشعاراته ومعه أكثر الأمة وعليه من الدلائل ما لا ينكره منصف متنبه.. وإما إلى الكفر والخيانة والتخليط والجريمة والدم، وهو طريق له أبالسته ومروجوه وشعاراته.. ولا تخطئ العين فسقهم وفجورهم وأهواءهم.. مهما تخفوا وراء المكائد أو ترنحوا تحت الرشا.