27 سبتمبر 2025

تسجيل

ثغرات في هيكل البنية الاقتصادية

03 أكتوبر 2012

من دواعي المحافظة على اتزان مشاريع التنمية، أخذ بعض الوقت بين حين وآخر لرؤية مساراتها والعمل على دعمها، وتصحيح ما شابها من انحراف أو توجيه بعض مساراتها أو إزالة ما أصابها من تلكؤ، بسبب تسارع محركاتها واللهفة على بلوغ غاياتها. ولا شك أن زمن وضع الخطط وإسقاطاتها على الواقع تترك مجالا لحدوث بعض المفارقات أو تخلق فراغات أو ثغرات في هياكل البنية الاقتصادية، وذلك يرجع للزيادة في توسيع حجم الاقتصاد وعملياته وتكاثف تفاصيله والزيادة في متطلباته بعد تنفيذ خطط التنمية، ومن بالغ الصعوبة توقع مدى أثر مشاريع التنمية كلها أو جلها. فالهدف من الدفع في تحريك عجلة التنمية هو بعث النشاط والحيوية في الاقتصاد حتى يكون قادرا على النمو، ولكن ما هي تبعات ذلك على كل الصعد ووضع برامج لها ليس من الممكن في بداية المسيرة. ولكن ومع الوقت تتكشف الحاجة لوضع خطط مساندة لخطط التنمية من أجل دعمها في بعض الأحيان ورفدها في بعض الأحيان وتصحيحها في أحيان أخرى. فالتنمية عملية حيوية في حالة من التخلف والتكوين والتطور يصعب معها تدارك كل تداعياتها. الاقتصادية والمالية والنقدية، فقد تواجه التنمية مخاطر الانزلاق في مستنقع التضخم أو الاختناقات في آليات العرض. ولذلك فإن المتابعة والمراقبة لمسار التنمية يجب أن تكون لصيقة وواعية وفاعلة وقادرة على وضع السياسات والإستراتيجيات القادرة على صون مشاريع التنمية. وهذا يتطلب تضافر كل الجهود على كل المستويات، من مؤسسات عامة وإدارات وأجهزة حكومية إلى دعم القطاع الخاص، وتتطلب العملية المرونة والبحوث ووضع الحلول بسرعة وكفاءة. فمن المصرف المركزي ودوره في استتباب الأسعار وسلاسة تدرج النمو إلى وزارة الأعمال والتجارة ودورها في وضع وتحسين إجراءات الأعمال وتبسيطها وتحسين كفاءة أجهزة الوزارة. والمبادرة إلى وضع حلول للقطاع الخاص حتى يتمكن من مساندة مشاريع التنمية، حسب حاجة التنمية في لحظات تطورها وتحورها وتغيرها والقطاع الخاص هو الأقدر على لملمة ما لم يكن جزءا من التخطيط الإستراتيجي، ولكنه مهم لإكمال مشاريع التنمية وعلى هذا فرؤية الدولة هي طويلة المدى وينتج عنها الكثير من المتغيرات، وبالتالي يحتاج القطاع الخاص إلى أن يتلقف تلك الفرص ويخلق اقتصادا حيويا وقادرا على الاستمرار، وفي كل هذه المعطيات تظل هناك ثغرات كبيرة يصعب اليوم على القطاع الخاص أن يسدها، ولذلك نرجع لشراكة بين القطاع الخاص والدولة لبناء مؤسسات عملاقه قادرة على رفد مشاريع التنمية. فهناك نقص في شركات المقاولات العملاقة القادرة على إدارة المشاريع الضخمة وما زالت الدولة تعتمد على المقاولين من الخارج. والاقتصاد أصبح قادرا على تكوين وإنشاء مؤسسات كبيرة ووطنية تقود تلك المشاريع ويكون المواطن مساهما فيها ويكون المردود على الاقتصاد الوطني. فبروة والديار في توحيد لجهودهما وخبراتهما قادرتان على تكوين شركات متخصصة في البنية التحتية والاستشارات والإلكترومكانكال وغيرها. وهي تلك الأدوات والخبرات وتكون تلك الكيانات مستقلة ولا تنافس القطاع الخاص، في حال كان القطاع الخاص يملك إمكانات في مجال معين أو قطاع معين، فالهدف هنا إنشاء مؤسسات قادرة على تسيير مشاريع التنمية لا منافسة القطاع الخاص، بل خلق بيئة حاضنة لإمكانات القطاع الخاص ورافدة له من خلال المشورة والتعاون. كما سبق وقلنا في لحظات ووضع الخطط خاصة طويلة المدى ومن الغاية في الصعوبة أن تحيط كل التداعيات والآثار على الاقتصاد والهياكل الاقتصادية وعلى الأسعار والبنية التحتية، وكل هذا لا بد أن يأتي في مراحل مناسبة وأوقات تتضح معها الحاجة للبنية أو هياكل أو سياسات أو قوانين رادعة أو مهارات أو مؤسسات أو آثار اجتماعية أو إستراتيجيات تبنى على ما تم تحقيقه، وتلك هي الغاية الحقيقية من التنمية الشاملة حيث تستمر التنمية وتتطور معها هياكل الاقتصاد وبناؤه، وتتنوع مصادره وأفكاره ومبادراته وتتحسن متطلباته من تعليم وصحة. كل هذا يحدث في إطار التنمية وهو المقصود بالتنمية الحيوية وتتطور وتتنوع وتخلق المبادرات والفرص. وفي هذا نحن مطالبون بتحصين آليات التنمية من خلال استمرار المتابعة والوعي وعدم الركود، إلى أن تكون التنمية في وضع جيد، وهي كافية، بل الهدف مخرجات التنمية وأهمها ما لا نعي عليه إلا في اللحظات الأخيرة وتلك متعة التنمية. فهي صانع الفخار دائم النظر إليها ولكنها لزجة رطبة لينة تتحرك وتتلوى وهيهات أن ينصرف نظره أو يتأخر في رفدها بالماء، وتعديلها وتصحيحها وتشكيلها حتى تتكون وتصبح منتجا متكاملا وتصبح مشاريع قائمة ومنتجة.