11 سبتمبر 2025

تسجيل

دور قطري فاعل في التعاون الدولي من أجل التنمية المستدامة

03 سبتمبر 2019

500 مليون دولار لتمويل مئات المشاريع الإنسانية والتنموية في 70 دولة حول العالم في حين أُخذت قطر على حين غرة فجر الخامس من يونيو 2017، أعجب المجتمع الدولي بموقف قطر الثابت والحازم في وجه الحصار والاستفزازات المستمرة من قبل الدول المحاصرة. استحوذ نُضج الدبلوماسية القطرية منذ ذلك الحين على الاهتمام العالمي والاستحسان الدولي، والأهم من ذلك على قلوب وعقول القطريين في تضامن. إن المَهابة المتزايدة لسياسة قطر الخارجية ورموزها أمر لا لبس فيه على الصعيدين الداخلي والخارجي. للأسف في خضم النشاز والخلاف السياسي، أصبح صيت دور قطر الدولي في التنمية المستدامة أكثر ذيعاً. في هذا المجال، تُعتمد المئات من القرارات والتوصيات سنويًا من قِبل "الجمعية العامة" و"مجلس الأمن" و"المجلس الاقتصادي والاجتماعي" في الأمم المتحدة، مما يسهم في تعزيز أهداف التنمية المستدامة. من الملاحظ في السياسة الدولية عامةً أن العلاقات المتبادلة بين التعاون الدولي والتنمية المستدامة في تزايد وبشكل متبادل وتكافلي. يتجلى ذلك في "إعلان الألفية" و"إعلان جوهانسبرغ" بالاضافة إلى آلاف المعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف التي تلت مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الذي أطلق عليه "قمة الأرض" في عام 1992. منذ ذلك الحين، أصبحت الاستدامة والتنمية المستدامة هما شعاران للكثير من الهيئات الدولية، معظمها يحتل مكانة بارزة في العالم مثل المفوضية الأوروبية ومجموعة البنك الدولي ومجموعة العشرين. حتى أن الأمم المتحدة أنشأت منظمات خارجية متخصصة بالتنمية المستدامة. وقد التزمت قطر بأجندة التنمية المستدامة ذات الأهداف الطموحة وبعيدة المدى التي تم تحديدها في عام 2015. فمن خلال هيئة الاستثمار القطرية وصندوق قطر للتنمية، تقلدت قطر دور ممول التنمية إلى حد كبير، خاصة على مدى السنوات القليلة الماضية. تمول قطر بسخاء الأعمال الخيرية غير الربحية في مجال المساعدات الإنمائية بالإضافة إلى الاستثمارات في التنمية المستدامة. ففي عام واحد، عام 2018، أنفق الصندوق أكثر من 500 مليون دولار لتمويل مئات المشاريع الإنسانية والتنموية في 70 دولة حول العالم. بدءاً بتمويل مجهودات الإغاثة من الكوارث الطبيعية في منطقة جزر الكاريبي، وبناء الطرق والممرات البرية في القرن الإفريقي، ومروراً بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في شتى العالم الإسلامي، وانتهاءً بإعادة تأهيل مرافق الرعاية الصحية في العديد من الدول العربية، على سبيل المثال لا الحصر. وقد رأينا في الأيام الأخيرة الماضية الجسر الجوي من قطر لإيصال المساعدات للمتضررين من الفيضانات في السودان. من ناحية أخرى، تضمن جهاز قطر للاستثمار الرخاء الاقتصادي المستدام للقطريين على مدى أجيال قادمة من خلال الاستثمار في مشاريع مستدامة ومربحة في انٍ واحد وفي جميع أنحاء العالم. مبلغ العشرة مليارات دولار التي تم التعهد بها لتحسين البنية التحتية الأمريكية والخمسة مليارات جنيه استرليني للبنية التحتية البريطانية ما هي إلا أمثلة الاستثمارات القطرية في مشروعات ربحية للتنمية المستدامة دولياً. ولكن ما زلنا في حاجة لنرى كل هذه الإنجازات القطرية والموارد المالية تكتمل ويروج لها عن طريق المشاركة الفعالة والوثيقة مع الهيئات الدولية لتعزيز دور قطر الثابت في التنمية المستدامة عالمياً. أصبح الشباب القطري المتعلم الآن أكثر من أي وقت مضى قادرا على المشاركة في الخطاب التعددي رفيع الثقافة حول تغير المناخ، وحماية البيئة، والاقتصاد الدائري، والمساواة في توزيع الثروات والعدالة الاجتماعية؛ وهي موضوعات ساخنة تمس الاستدامة بشكل مباشر وتزداد شيوعاً في الحوار الدولي. لشباب قطر قدوة يُحتذى بها في شخص وإنجازات صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، لا سيما بعد تعيين صاحبة السمو مؤخراً كسفيرة ومُناصِرة لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. على الصعيد المحلي، يتم تنسيق الاتفاقيات الدولية مع القوانين واللوائح القطرية. وأفضل مثال على عملية التنسيق هذه؛ مزامنة خطة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة مع رؤية قطر الوطنية 2030 والاستراتيجيات والتنمية الوطنية الخمسية الناتجة عنهما. فقد قامت دولة قطر بتسهيل المراجعة الوطنية الطوعية للأمم المتحدة لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 في البلاد لاكتساب مصداقية دولية في طور التنفيذ بينما لا تزال العديد من الدول متأخرة في تحديد أو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. في أعقاب حملة الكراهية ضد قطر، قدرات ومواهب قطر المحلية والعالمية بأوجه التنمية المستدامة تستطيع دون شك لفت الأنظار إلى الأفعال التي يعوق الحصار بها التعاون الدولي من أجل التنمية المستدامة. إن مجرد عرقلة النقل من وإلى قطر عن طريق خنق ممرات العبور الدولية سواء البرية، أو البحرية أو الجوية منها ما هو إلا أمر سهل الإدانة حيث ينتهك بشكل فاضح قرار الجمعية العامة 69/213 الذي اقترحه الفريق الاستشاري الرفيع المستوى المعني بالنقل المستدام والتابع للأمين العام مباشرة. تقوم قطر يوماً بعد يوم ببناء قدرات تعليمية وحكومية ودبلوماسية للتمكن من الأوجه التنظيمية والسياسية للتنمية المستدامة. وبما أن منظمات التنمية المستدامة تزداد نفوذاً في تشكيل الاتفاقيات والمعايير والسياسات الدولية المهمة والمصيرية، فإن التمثيل القطري ضروري للحفاظ على مصلحة وطننا. لحسن الحظ، أدرك الذكاء الجمعي والمؤسسي في قطر هذه الحقيقة وأدرك أن تعزيز التحالفات والشراكات من خلال وكالات الأمم المتحدة المعنية بالتنمية المستدامة وغيرها من المنظمات مثل "مؤسسة التمويل الدولية" و"منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" يمكن أن يرسخ استقرار قطر وسط منطقتنا الملتهبة بالأزمات. سواء كنا على وشك المزيد من التحولات الزلزالية في الجغرافيا السياسية الإقليمية، أو المزيد من الشروخ والخلافات، أو حتى نتوقع حدوث تقارب وتصالح، فإن التنمية المستدامة ما تنفك أساسية لاستمرار الازدهار القطري.