02 نوفمبر 2025

تسجيل

تقديم البرّ عند انفصال الوالدين

03 سبتمبر 2014

كيف نقدم البرّ في حالة اختلاف الوالدين أو طلاقهما؟، يشتد تنافس الأبوين على الولد المميز في حالة الخلاف، ومن الطبيعي أن يقع ذلك ويجب على الابن أن يدرك هذا الأمر، فكلا الطرفين يرى عزاءه في هذا الولد المميز، وينظر إليه على أنه الاستثمار الأكثر نفعا.تقع المشكلة حين يطلب أحد الوالدين حقه ويتعدى على حق الطرف الآخر، كما أن الأمر يأخذ عادة طابع التحدي بين الوالدين، وهنا يبرز دور الولد الناضج الذي يبين لكل طرف حقوقه ويستطيع أن يسابق الوالدين بالبرّ بمهارات اجتماعية مميزة تعطي كل طرف ما يرضى ويريد. يجب أن أستنطق رغبات أبي وأمي عند الخلاف، فمن الخطأ أن أقدم نسخة كربونية من البر للاثنين معا، فإن ما يرضي الأم وتحتاجه قد يختلف عما يرغبه الأب ويتمناه، ومن هنا فإن الواجب على الولد أن يشبع حاجة الاثنين معا.إن استنطاق الابن لرغبات الأم والأب يعطيهما شعورا بالطمأنينة، فهما يعتبرانه مؤشرا على انشغال الولد برضاهما، كما يجب على الابن ألا يذكر طرفا أمام الآخر، وألا ينشغل بالاتصال به أو الدفاع عنه أو الحديث عن حاله أيا كان موقف الأول من الثاني، لأن ذلك يقود إلى مزيد من الرضا والطمأنينة. إن التواصل مع الوالدين يعتبر من أهم أنواع البرّ التي تسعدهما، ويجب ألا يكون هذا التواصل عن طريق الزيارة فقط، إنما عن طريق الاتصال وتبادل الهموم وعن الاشتياق، وحتى عبر إرسال بعض الرسائل المحببة والطريفة، ليسر الوالد أنك مشغول به دائما. يجب على الابن أن يتفنن في البر حال الخلاف بين الوالدين، ففي الوقت الذي يكون فيه عند أمه يرسل رسالة لأبيه دون معرفتها حتى لا تتضايق، فهو بذلك يدخل السرور على قلب الطرف الآخر، ويشعره أنه مشغول به حتى إن لم يكن عنده، والابن يستطيع أن يبر والديه معا بهذه الطريقة، ويحقق لهما الراحة والبر، ويعطيهما شيئا من الطمأنينة، وهذه هي الحنكة في التعامل.عندما أكون موجوداً مع أحد والديّ يجب أن أنسى كل شيء في الوجود، بما في ذلك الطرف الآخر، وأقوم بالتركيز بكل حواسي معه، حتى يشعر بانتمائي إليه، فلا أتصفح الجريدة أو مواقع التواصل كأنني أضيع وقتي لديه.عن اختلاف الوالدين أو انفصالهما قد يتنافس الأب والأم على كل من تربطك علاقة بهم، والإنسان الذكي يربط الزوجة بالأم ويربطها بالأب أيضا، لأن الطرفين سيتنافسان على اهتمامها، كتنافسهما على الولد، والولد بذلك يكسب نقاطا له ولزوجته.إن الحديث النبوي الشهير (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبيك) يعطي الأولوية للأم ويقدرها بشكل عام، لكن عند انفصال الوالدين أو اختلافهما يجب أن يشبع الابن احتياجهما بشكل متساوٍ، وهذا لا يتعارض مع الحديث النبوي، فحينما يبلغ الأب والأم من العمر عتيا ويبلغان الضعف والشيبة، فهما يتساويان عند الولد، لكن في لحظات شبابهما يكون الأب أقوى من الأم، وفي لحظات معينة قد يُقدم الأب على الأم، فلو أن الأب أصيب بأمراض معينة وجاءته حالة نفسية مع تلك الأمراض العضوية وأصبح ضعيفا وهزيلا بينما لا تزال الأم تتمتع بقوتها وشبابها، فالأولى بالبرِّ والتقدير هنا هو صاحب الحاجة.