11 سبتمبر 2025

تسجيل

الصناعات المصرية .. بين التوقف والتعثر

03 سبتمبر 2014

مشاكل قطاع الصناعة المصرية كثيرة ومتنوعة، وبعضها تفاقم خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث توقفت آلاف المصانع والشركات وأصيبت ماكيناتها بالشلل التام ولم يسمع دويها، وبعضها يتعثر أو في طريقه للتوقف، ولاسيَّما مع تعرضها للمخاطر الأمنية وتكرار عمليات السطو والسرقة للمصانع والشركات، ولاسيَّما أن الصناعة تعد من الأعمدة الرئيسية للاقتصاد وزيادة الدخل وتشغيل الأيد العاملة المتعطلة والباحثة عن العمل، وهي مقومات ضرورية لنجاح الخطط الاقتصادية ودفع قطار التنمية قدما للأمام، ولابد من بذل الجهود لفهم طبيعة المرحلة ومتطلباتها، من خلال الإدارة الحديثة التي تستطيع إحداث نقلة نوعية متميزة، التي يصاحبها العمل الجاد في مقاومة الفساد الإداري والمالي الذي استشرى منذ زمن طويل وكانت له سلبياته على الاقتصاد والتنمية والتي أنهكت المجتمع، مما يحتم على الحكومة أن تضع خططا واضحة، لمعالجة الأزمة والمشاكل القائمة والمحتملة في المدى القصير لتعويض الخسائر التي مني بها الاقتصاد المصري الذي يمتلك الكثير من الإمكانات التي تجعله قادرا على التعويض، إذا أحسنت الاستفادة من القطاع الصناعي، بعد أن تضاربت الإحصاءات حول عدد المصانع المتوقفة أو المتعثرة التي تتراوح بين 45 إلى 70ألف مصنع وشركة، وهي مأساة حقيقية حتى لو أخذنا بالرقم الأدنى إذا كانت الإحصاءات دقيقة، لأن معنى ذلك توقف قطار التنمية وخروج الاقتصاد عن المسار الصحيح، وزيادة المصانع المتوقفة والمتعثرة، وانعكاس الآثار السلبية لذلك على المجتمع بكل طوائفه وطبقاته من دون استثناء لسنوات طويلة قادمة، خاصة إذا ظلت الأسباب التي أدت إلى ذلك قائمة، وأهمها الديون ونقص أو عدم وجود تمويل إلا بشروط صعبة، لأن إجراءات البنوك تمثل حائط صد أمام الصناعيين من خلال عدم منحها قروضا صناعية ميسرة، نظرا لارتفاع سعر الفائدة على القروض التي تمنحها لرجال الصناعة التي تصل إلى 16٪، وارتفاع تكلفة الطاقة، والانقطاع المستمر لها في الأشهر الأخيرة، وعدم القدرة على التسويق، أو الوصول إلى الأسواق الخارجية، الأمر الذي يتطلب ضرورة التوسع في فتح مكاتب تجارية بالدول الإفريقية وشرق أوروبا، ودعم وتسهيل إجراءات الشحن للدول المستهدف تواجد المنتجات المصرية بها، وتصاعد المطالب الفئوية، إلى جانب مشاكل الفساد وسوء الإدارة والفشل في تحقيق الأهداف، وأيضا مستوى أداء العمال ونقص التدريب والتأهيل الذي أدى إلى هبوط كفاءة الأيد العاملة، وتدني الإنتاجية والإنتاج، وكذلك هروب الأيد العاملة الماهرة وهجرتها للخارج، مما يضع قطاع الصناعة في مصر الذي يستوعب نحو 18 مليون عامل بالقطاع الخاص في ظروف صعبة تهددهم وأسرهم بالتشرد، بالإضافة إلى مشاكل المناطق الصناعية مع الاستثمارات المحلية والأجنبية التي تفتقد إلى تهيئة البيئة الاقتصادية، وتحتاج إلى طرح أراض جديدة لمواجهة التوسعات الأفقية للاستثمارات الجديدة أو القائمة، ولا شك أن هناك ضرورة لتغيير المنظومة الاقتصادية بالكامل، بداية من المنظومة الضريبية والتمويلية والتشريعات الحاكمة لها، وكذلك القوانين المتعلقة بالعمل وتشريعات التأمينات الاجتماعية، إلى جانب إيجاد برنامج واضح لتأمين الصادرات ضد المخاطر غير المتوقعة مثل الظواهر الطبيعية أو إشهار الإفلاس أو المخاطر السياسية مثل الحروب أو الثورات ولذلك مطلوب وضع خطة للتغلب على المشاكل التنظيمية والإدارية، ولتسوية ديون المصانع والشركات المتوقفة أو المتعثرة مع البنوك لسرعة عودة تشغيلها، وإيجاد حل عملي لعملية التمويل، أو أن تتحمل الدولة تكاليف إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، أو تتعهد بتقديم ضمانات للأجهزة المصرفية التي تقدم التمويل المناسب، الذي يمكن المصانع من تجديد وإحلال الماكينات، وإعادة تأهيل وتدريب العمال لمعالجة النقص في التدريب والهبوط في أداء الأيدي العاملة حتى تتمكن المصانع من أن تعمل بأقصى طاقتها الإنتاجية، وأن تحفظ حقوق العمال وتحميهم، بدلا من الاستغناء عنهم، بما يتسبب في زيادة وتفاقم المشاكل الاجتماعية والإضرابات العمالية التي عانت منها المصانع والشركات في السنوات الثلاث الماضية، لأن الصناعة في مصر تحتاج إلى إرادة جادة من الدولة لحماية المنتج الوطني ورفع قدرتها التنافسية.