11 سبتمبر 2025
تسجيلأترى تلك الهموم التي تُثقل كاهلك، وتثقل كاهل غيرك من بني جنسك، كلٌ له همه في هذه الحياة، وجميعنا يتفق على أنه لا يوجد كائن على وجه الأرض يحيا الحياة أفراحا دون أحزان وبسمات دون دمعات، ولكن لنقف قليلا عند تلك الهموم: أصنافها وأحجامها وأنواعها، قل لي همك أقل لك من أنت؟ أتلفتُ حولي بعمق ولا أنسى أن ألتفت إلى نفسي، فاستمع إلى الهموم والغموم، وأصنفها، فمنهم من همه وضيع ومنهم من همه رفيع، أو كما قال أبو الطيب على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارمُ، بعض الناس همتهم في الحياة عظيمة، فتراه مشغولا في رسالة عظيمة وهدف سام كأن ينهض بنفسه والآخرين، ويسعد نفسه والآخرين، وبعضهم يعملون جاهدين لتغيير أنفسهم ومن حولهم للأفضل، أو إيصال رسالة معينة للكون، أو الارتقاء بنفسه والآخرين في مهارات معينة، فتراه يعمل ليل نهار لتحقيق الهدف، والنية لله عز وجل، تلك النية التي تجعل من العادة عبادة، فدعوني الآن اسألكم عن بعد.. كيف أنتم والهموم؟ وما الذي يؤرقكم ليلا؟ وما الذي يقض مضاجعكم؟ ويبكي مدامعكم.. لنُجيب بعضنا بعضا فنتعرف على بعض.. حين يمر المرء بالأحزان ودوائر الخطوب يشعر أن شخصيته تنصقل، والدنيا تقويه بتلك الضربات المتتالية، فتجعل منه إنسانا مختلفا مهيئا ومدربا وخبيرا، ولكنها الخطوب والهموم الراقية، لا همَّ فتاة يصيبها، أو رجل تمنيته زوجا ففارقكِ.. لتقضين العمر كله حسرات وآهات. أحيانا أرى ملامح الحزن في من حولي فأبادر: "سلامات.. شصاير؟"، لأسمع الردود العجيبة، ردود لا تبشر الأمة بخير، فبت أحدث نفسي أننا علينا أن نرتقي حتى في أحزاننا وهمومنا.. لنسمو ونرتقي، رحم الله عمر بن عبد العزيز حين قال: (إن لي نفسًا تواقة لم تزل تتوق إلى الإمارة حتى نالتها، فلما نالتها تاقت للخلافة، فلما نالتها تاقت إلى الجنة، فأرجو من الله أن يرزقنيها). لذلك صرنا نعرف الناس من همومهم لا من أصحابهم وحسب، تلك الهموم والخواطر التي تمر عليك فتصيدها وتقيدها في دفاتر نفسك وتسطرها في دواوين خلدك هي التي تصنعك، وتجعلك عزيزا أو ذليلا، عظيما أو صعلوكا، فتأمل وكم للتأمل والوقفات من فوائد. إليك هذا الواجب مني، سطر في دفتر صغير همومك وحينها قدر نفسك في أي المناصب أنت، أهمتك في علو أم سفول؟ لتستطيع حينها إصلاح ذاتك ورفع همتك ولن يكون ذلك إلا حين تُصلح رسالتك في الحياة فتجعل من حياتك هبة لمعالي الأمور. يقول أحد الحكماء:" ذو الهمة إن حُطَّ، فنفسه تأبى إلا عُلُوّاً، كالشعلة ِ من النار يُصَوِّبُها صاحبها، وتأبى إلا ارتفاعا "