17 سبتمبر 2025
تسجيلاعتراف غربي مهم صدحت به فرنسا.. قصر الإليزيه بكل كبريائه وخيلائه يعلن (بعظمة لسانه) أن هناك أخطاء ارتكبها الغرب في العراق وأفغانستان وعلينا تجنبها في الحالة الليبية!! فرنسا استبقت المؤتمر الدولي في العاصمة باريس وترعاه فرنسا تحت شعار "أصدقاء ليبيا".. بعد تدمير العراق وأفغانستان تدميرا كليا، انتابت الغرب صحوة ضمير و(اعتراف) بالأخطاء.. ماذا لو انقلب كوب اللبن وانسكب على الأرض.. النتيجة لا يوجد بالكوب لبن، كما لا يمكن استعادة اللبن بعد ملامسته الأرض.. بعد أن أصبح العراق وأفغانستان شلوا ممزقا على حواف العصر، لماذا يبكي الغرب على اللبن المسكوب.. اليوم تُنصب البُكائيات في مختلف المعمورة (حُزنا) على حال العراق وأفغانستان.. المؤتمر يشارك فيه أكثر من ستين دولة هدفه "إنجاح العملية الانتقالية" في ليبيا.. الرئاسة الفرنسية أكدت ضرورة جمع الأطراف الدولية خلف السلطات الجديدة في ليبيا الآن لمساعدتها على إنجاح الانتقال الديمقراطي وبناء ليبيا جديدة.. نعم حديث مكرور عن دعم الديمقراطية والمساعدات الاقتصادية.. عندما وقع الفلسطينيون اتفاقهم مع الإسرائيليين وعدوا بمليارات الدولارات دعما لجنوحهم للسلم ولكنهم لم يقبضوا شيئا وبقي حالهم الاقتصادي مزريا بينما إسرائيل تمتد كل يوم في بناء المستوطنات بشكل سافر.. عندما وقع السودان اتفاقية السلام الشامل مع الجنوبيين وعد الغرب السودان بـ(4) مليارات دولار في مؤتمر عقد في أوسلو ولكن تبخرت تلك الدولارات الموعودة ووقع الانفصال لأن الحكومة السودانية لم تستطع جعل خيار الوحدة جاذبا ولم تتمكن من إنشاء مشاريع تنموية عملاقة أقلاها الطرق التي تربط بين شطري السودان (القديم).. صحيح أن العملية العسكرية للثوار كانت ناجحة لكننا نخشى من أن التدخل الغربي ونفاقه سيفشل المرحلة الانتقالية في ليبيا. يحق للعرب أن ينظروا بريبة وتوجس إلى المشروع الأمريكي في المنطقة الذي يهدف، حسب ما تعلنه الولايات المتحدة الأمريكية، إلى تشجيع ودعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية، ونشر الديمقراطية في العالم العربي، دون التعرض للصراع العربي الإسرائيلي، الذي يعتبر المسبب الرئيسي للأزمات والمشاكل التي عصفت بالمنطقة ومازالت.. النفاق الدولي سمة مميزة للسياسة الغربية الأمريكية تجاه عالمنا العربي.. بالأمس القريب عثرت قناة الجزيرة على وثائق ومحاضر اجتماعات لمسؤولين ليبيين وشخصيات أمريكية بحثت سبل مساعدة العقيد معمر القذافي على البقاء في السلطة قبيل أسابيع من سقوطه، ومن تلك الشخصيات الأمريكية السفير ديفد وولش مساعد وزيرة الخارجية سابقا، والنائب دينس كوسينيتش.. الوثائق التي عثر عليها بمقر الاستخبارات الليبية الذي سيطر عليه الثوار- تظهر أن وولش وكوسينيتش قدما نصائح لنظام القذافي بشأن كيفية التقليل من العزلة الدولية وضربات الناتو التي كان يتعرض لها.. العنتريات التي كان يطلقها القذافي ضد الغرب والولايات المتحدة الأمريكية كانت تخفي خلفها حقيقة أنه ظل يحافظ على قنوات اتصال مباشرة مع مسؤولين نافذين في واشنطن حتى أسابيع قليلة قبيل سقوطه.. الوثائق التي وجدت بمكتب رئيس جهاز المخابرات الليبية عبدالله السنوسي، عبارة عن محاضر اجتماعات بين مسؤولين ليبيين كبار ووولش، ويكشف أحد تلك المحاضر عن الطريقة التي اقترحها وولش لإضعاف الثوار بالاستعانة بوكالات استخبارات أجنبية. التحذير من النفاق الغربي ليس ديدن المناوئين للنهج الغربي من النخب العربية.. الصين حذرت عبر كبرى الصحف الصينية الرسمية الدول الغربية وطالبتها بالسماح للأمم المتحدة بقيادة جهود إعادة إعمار ليبيا بعد الحرب، بل تحدثت صحيفة الشعب الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم صراحة عن مخاوف بكين من النفوذ الذي ربما تسعى وراءه الولايات المتحدة والقوى الأوروبية والناتو في ليبيا بعد الحرب.. الصحيفة تعتقد أن ما حدث بالعراق وأفغانستان وكذلك ليبيا أظهر كيف يمكن أن تتطور الأوضاع ما لم تكن الأمم المتحدة هي الجهة الرئيسية التي تتولى قيادة الجهود الدولية في إعادة الإعمار فترة ما بعد الحرب.