14 سبتمبر 2025

تسجيل

وترجّل فقيه الاقتصاد والمعاملات المالية الشيخ السالوس رحمه الله

03 أغسطس 2023

الكل سيكون له موعد مع الموت، ولكن متى؟ هذا علمه عندي ربي سبحانه وتعالى، ولكن موت عالم وفقيه لهي مصيبة على الأمة، جاء عن الإمام الحسن البصري رحمه الله أنه قال «كانوا يقولون: موت العالم ثُلْمَة في الإسلام لا يسدُّها شيء ما اختلف الليل والنهار «. وسأل هلال بن خباب سعيد بن جبير رحمهما الله « يا أبا عبد الله ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا هلك علماؤهم». أليست مصيبة ومن أعظم الرزايا التي تصاب بها الأمة بذهاب العلماء والفقهاء الربانيين عالم بعد الآخر وفي زمن متقارب جداً هذا ما نراه ونسمعه رحمهم الله. ويقول أيوب رحمه الله « إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة، فكأني أفقد بعض أعضائي». فكم في رحليهم من مصيبة!. وكم في فقدهم من نقص!. رحمهم الله تعالى. ففي يوم الثلاثاء السابع من شهر الله المحرم 1445 من الهجرة الموافق الخامس والعشرين من يوليو 2023 من الميلاد رحل عنا العلامة الفقيه فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور علي بن أحمد السالوس عن عمر ناهز (89) عاماً (1934-2023)، وصلي عليه عصر يوم الأربعاء بمقبرة مسيمير ودفن فيها رحمه الله. والشيخ علي السالوس رحمه الله له مكانة في العالم الإسلامي، فهو علم من أعلامها وفقيه من فقهاها، فالشيخ رحمه الله أجاد وبرع في علاج قضايا ومسائل مهمة ومستجدة من ناحية المعاملات المالية، ووضع لها حلولاً فقهية تتماشى مع تراث الأمة الفقهي الأصيل، وتستجيب وتحقق مصالح الإنسان وحاجة الأمة لها، وكان رحمه واضحاً لا يجامل في المواقف التي تخالف الشرع يصدع بالحق، وناصحاً أميناً، قوي الحجة والبيان، وكان حاضراً مع قضايا أمته ولم يتأخر عنها ولم يتخلف عن قول كلمة الحق في نصرتها. وكان عف اللسان لا يُسيء لأحد ولو أخطأ أحدهم في حقه، ويحمل أخلاق العلماء ويتأسى بالسلف الصالح رحمهم الله. ولم يزاحم العلامة الشيخ علي السالوس رحمه الله يوماً من الأيام على منابر الشهرة والأضواء ولا على المناصب، ولم تأخذه رحمه الله الدنيا بزخارفها عن التأليف والعلم وإرشاد الناس إلى الصواب وفق شرع الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولم يتخل عن مبادئه وآرائه ما دام مقتنعاً بالأدلة التي يأتي بها. وأخيراً... فقد ترك الشيخ رحمه الله إرثاً ضخماً مباركاً من الكتب والأبحاث والمقالات والفتاوى نرجو أن تظهر في موسوعة علمية شاملة متكاملة. فرحمك الله أيها الشيخ المربي الزاهد رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وتقبلك في الصالحين من عباده، وجزاك الله الكريم الرحيم عن الإسلام والمسلمين خير ما يجزي عباده المتقين، وحشرنا الله سبحانه وتعالى وإيّاه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. اللهم آمين. ● «ومضة» من روائع أخلاق العلماء العاملين الربانيين والصور المشرقة التي يحملونها حين قال العلامة الشيخ علي السالوس رحمه الله «اختلفت مع د. القرضاوي كثيراً.. وكلما اختلفنا ازددنا حباً». يالله ما هذا الحب الذي يحملانه لبعضهما البعض ورحابة الصدر حتى في مواطن الاختلاف!. وصدق الإمام الشافعي رحمه الله في قوله» ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة». ما هذا الأدب الذي تربوا عليه، هؤلاء الكبار صُنَّاع الحياة رحمهم الله تعالى.