31 أكتوبر 2025

تسجيل

الرباعي المتأزم والعـزف على أوتار بالية !!

03 أغسطس 2017

معروف عن آلة العود الموسيقية، أنها جاءت منذ اختراعها قديماً بوتر واحد ثم تمت الإضافة وتراً وتراً لتصل الأوتار إلى أربعة، حتى جاء زرياب وأضاف وتره الخامس، واستمر الأمر كذلك حتى عصرنا الحديث، إذ تمت إضافة وتر سادس إلى الآلة، التي يصدر عنها ألحان جميلة تطرب السامعين. لكن ما فائدة هذه الآلة لو انقطع وتر بعد آخر؟ لا شك أنها ستتحول بعد قليل إلى جسم خشبي لا يلتفت الناس إليه، فهو جسم أصم لا يطرب ولا يلفت الانتباه دون أوتاره.. وهكذا أحسبهم الرباعي المتأزم في حصارهم لقطر منذ شهرين من الزمن. نعم، قد يلتفت الناس إليهم من حين لآخر، بحسب الوتر الذي يعزفون عليه، ولكن من المؤكد أنهم بعد حين من الدهر لا يطول عادة، لن يجدوا ذاك الاهتمام من بعد أن تنقطع أوتار آلتهم الإعلامية وتراً وترا.. فهل الأزمة التي صنعها الرباعي المتأزم مثل آلة العود هذه؟ ليس هناك فرق بين عود تنقطع أوتاره، الوتر بعد الآخر، وبين الرباعي المتأزم الذي بدأ العزف على آلته منذ ليل الخامس والعشرين من مايو الفائت، مستخدماً وتر دعم الإرهاب، ودور قطر في هذا الأمر.. وظل يعزف على آلته الإعلامية مستخدماً هذا الوتر فقط، مستغلاً تعاطف بعض الغرب وانسجامه مع ما يصدر عن آلته الإعلامية من ألحان، حتى مل الغرب ومن حوله من سماعه، كما لو أن عازفاً يعزف على عوده مستخدماً وتراً واحداً فقط طيلة الوقت.. لا شك سيكون مملاً بعد قليل من الوقت، وهذا هو عين ما حدث للعالم مع عزف الرباعي على وتره الأول الممل.. لكن لا يريد معسكر الحصار أن يفقد اهتمام العالم بما يقوم به ضد قطر بهذه السرعة، فأوحت إليهم شياطينهم تبعاً لذلك بقطع وتر الإرهاب، والبدء بالعزف على وتر ثان جديد، فربما يطرب له بعض الغرب، وكثير من الصهاينة ! وكان هو وتر معاداة السامية. هكذا بين ليلة وضحاها، حوّل هذا الرباعي دولة قطر، إلى دولة تعادي السامية، مستخدمين أمثلة عفا عليها الزمن، من دروس وخطب وبرامج تلفزيونية تم بثها على قناة الجزيرة في وقت من الأوقات كانت مواقف العرب جميعا ضد الصهاينة وهمجيتهم مع الفلسطينيين. وهكذا تم استخدام تلك المواد الإعلامية كأمثلة على معاداة قطر للسامية. وفي لحظات قليلة يحدث التحول ويبدأ الرباعي المتأزم بالعزف على هذا الوتر أمام العالم، عبر قرقاش أبوظبي، متناسياً هذا الرباعي وبالأخص السعودي من بينهم، مواقفهم السابقة ضد الصهاينة المحتلين، رغبة في تعاطف وكسب مواقف غربية ضد قطر، فالغاية صارت عندهم تبرر الوسيلة.. لكن بفضل الله باءت المحاولة بالفشل، ولم يطرب العالم مرة أخرى لهذا النوع من العزف على وتر نشاز غير مريح ! رجعت شياطين الجن تارة أخرى، فأوحت إلى الرباعي أن يستخدم وتراً ثالثاً يتم العزف عليه، وإسماع الغرب ألحاناً جديدة، لاسيما الأمريكي. فكان هذه المرة وتر أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة، وأن لقطر دورا فيها. وبدأ الترويج لهذه الأخبار، لعل وعسى يتم توريط قطر في ما يعرف بقانون " العدالة ضد رعاة الإرهاب" (غاستا) ، الذي يتيح للمتضررين وعائلات ضحايا تلك الأحداث، المطالبة بتعويضات تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وهو القانون الذي تم صناعته أساساً لابتزاز السعودية، ومؤخراً تم التنبه إلى الإمارات أيضاً، ووجود صلة لها بتلك الأحداث ! فهكذا العزف الغريب على وتر حساس مثل هذا، والذي أرادوا به توريط قطر، يرتد على عضو جديد من الرباعي المتأزم وهو الإمارات، لتتأزم أمورهم وتتعقد أكثر فأكثر، وبالمقابل لم يثبت لقطر أي دور ولله الحمد في تلك الأحداث، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. لم تنته الأوتار بعد، فالآلة ما زالت تحتفظ بثلاثة أوتار باقية. ورجعت شياطين الجن تارة أخرى، لتوحي إلى الرباعي المتأزم استخدام وتر رابع يتم العزف عليه، وإسماع الغرب ألحاناً يحبها عبر هذا الوتر، فكان هذه المرة وتر العلمانية. حيث انضم إليهم في العزف عضو خامس هو الأردن. فقد أعلنوها للعالم عبر المتحدث الرسمي لهم كما يبدو، عتيبة أبوظبي أو سفير الإمارات في واشنطن، أن رغبتهم متوافقة مع رؤية مستقبلية لهم في التحول لدول علمانية قوية متطورة خلال عقد من الزمن. هكذا أعلنها عتيبة. لكن مشكلتهم في تحقيق وتجسيد تلك الرؤية هي قطر، واعتبروها حجر عثرة أمامهم !! وأنها دولة لا ترى ما يرون وأنها بعيدة عن سبيل رشادهم ! وهكذا يعيشون الآن في مجتمعاتهم التي بدأت تغلي وتتفاعل مع هذا العزف النشاز الغريب الممجوج، المؤذي للأرواح والأذواق. يعيشون بين رافض للرؤية ومستعظم لها، وآخرين مرحبين، وثالث ينتظر، وانقلب الأمر ليتحول إلى قضية داخلية في مجتمعات الرباعي، لاسيما السعودي، ولم يتحقق هدف إصابة قطر في هذه المعركة، التي تركتهم في صراعهم الداخلي، الذي لن يكون سهلاً تجاوزه وتمريره بالسرعة المرغوبة.. وهكذا انقطع الوتر الرابع. لم تنقطع الأوتار من على آلتهم الإعلامية بعد، ولا أستبعد محاولات جديدة للعزف على ما تبقى من أوتار.. فكما أن أذهانهم تفتقت عن ألحان غريبة لا تتوافق مع العقل والمنطق والذوق، فلا أظن أنهم في المرحلة الآنية سيتوقفون عن إنتاج الغريب والجديد من الأفكار ضد قطر. إنهم يعيشون مرحلة الإلهاء أو الإشغال، يريدون بها إشغال قطر، حكومة وشعبا ومن يتعاطف معها بأطروحات مختلفة، من بعد أن أدخلتهم الأزمة في مأزق كبير تاهت عنهم خلالها المسارات المؤدية للخروج بسلام، وحفظ ما تبقى من ماء الوجه. هذا كهدف أول، فيما الثاني يقومون عبره بإلهاء شعوبهم عن أزماتها الداخلية، وما أكثرها الآن.. وظني أنه على هذا المنوال ستسير الأمور فترة من الزمن، إلى أن يجد الرباعي المتأزم حبل نجاة من طرف من الأطراف، ينقذون أنفسهم به من غرق يكاد يكون وشيكا.. ولا يسعنا في ختام هذا الحديث إلا أن نكرر دوماً وأبداً قوله تعالى ( ولا يحيقُ المكر السيئ إلا بأهله ) .