31 أكتوبر 2025

تسجيل

كذاب صنعاء .. الأسود العنسي (2)

03 يوليو 2015

بدأ الحديث عن كذاب اليمن الأسود العنسي بذكر حادثة مقتله، إذ لم ينجه كذبه بادعاء النبوة من اغتياله الذي ساعدت فيه زوجته الصالحة، وقد تساءلنا عن رد فعل النبي –صلى الله عليه وسلم – تجاه ادعاء هذا الكذاب النبوة كما تساءلنا عن موقف أهل اليمن ، واليوم نكمل الحديث محاولين الإجابة عن هذا السؤال بادئين بذكر ما جاء في خبر وفاة الأسود وكيف استقبل الرسول هذا الخبر، يروي البيهقي في دلائل النبوة عن عبد الله بن عباس: "لما قتل الأسود العنسي كذاب صنعاء فيروز الديلمي ، وقدم قادمهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أسلموا ، قالوا : يا رسول الله ، من نحن ؟ قال : أنتم إلينا أهل البيت ومنا".هذه رواية البيهقي وفيها دلالة على أن مقتل الأسود كان في حياة الرسول –صلى الله عليه وسلم- لكن ابن كثير يشير إلى أن مقتل الأسود كان بعد وفاة الرسول فيقول: "أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن عليا وخالد بن الوليد، ثم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل، وكانوا يدْعون إلى الله تعالى ويبينون لهم الحجج، ثم تغلب على اليمن الأسود العنسى وأخرج نواب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فلما قتل الأسود استقرت اليد الإسلامية عليها في أيام أبى بكر الصديق رضى الله عنه".لكنه في رواية أخرى يذكر أن الأسود قتل في آخر حياة الرسول، وربما يكون هذا هو الأرجح وأن أبا بكر عين معاذ بن جبل على اليمن بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم- الذي أرسل نوابا له يعلمون أهل اليمن الإسلام قبل تغلب الأسود ثم بعث النبي – صلى الله عليه وعليه وسلم – إلى بعض أهل اليمن ليقتلوه، وهنا تأتي الإجابة على السؤال الثاني المتمثل في كيفية مقاومة المجتمع المسلم للأسود، حيث إن منهم فريقا أخرج من اليمن كرها وعلى رأسهم معاذ بن جبل – رضي الله عنه- ومنهم من بقي يقاوم ويقول الحق في وجه الأسود ومنهم من احتال فقتل الأسود كزوجته وأبناء عمها.ومن الذين قالوا الحق في وجه الأسود الصحابي الجليل النعمان وقد قتله الأسود حرقا، ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيّ مِنْ حَدِيثِ النّعْمَانِ التّيْمِيّ . قَالَ وَكَانَ مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ بِالْيَمَنِ فَلَمّا سَمِعَ بِذَلِكَ النّبِيّ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَدِمَ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ ثُمّ قَالَ إنّ أَبِي كَانَ يَخْتِمُ عَلَى سِفْرٍ وَيَقُولُ [ لَا تَقْرَأْهُ ] عَلَى يَهُودَ حَتّى تَسْمَعَ بِنَبِيّ قَدْ خَرَجَ بِيَثْرِبَ فَإِذَا سَمِعْت بِهِ فَافْتَحْهُ . قَالَ نُعْمَانُ فَلَمّا سَمِعْت بِك فَتَحْت السّفْرَ فَإِذَا فِيهِ صِفَتُك كَمَا أَرَاك السّاعَةَ وَإِذَا فِيهِ مَا تُحِلّ وَمَا تُحَرّمُ وَإِذَا فِيهِ إنّك خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمّتُك خَيْرُ الْأُمَمِ وَاسْمُك : أَحْمَدُ وَأُمّتُك الْحَامِدُونَ . قُرْبَانُهُمْ دِمَاؤُهُمْ وَأَنَاجِيلُهُمْ صُدُورُهُمْ وَهُمْ لَا يَحْضُرُونَ قِتَالًا إلّا وَجِبْرِيلُ مَعَهُمْ يَتَحَنّنُ اللّهَ عَلَيْهِمْ كَتَحَنّنِ النّسْرِ عَلَى فِرَاخِهِ ثُمّ قَالَ لِي : إذَا سَمِعْت بِهِ فَاخْرُجْ إلَيْهِ وَآمِنْ بِهِ وَصَدّقْ بِهِ فَكَانَ النّبِيّ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - يُحِبّ أَنْ يَسْمَعَ أَصْحَابُهُ حَدِيثَهُ فَأَتَاهُ يَوْمًا ، فَقَالَ لَهُ النّبِيّ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - يَا نُعْمَانُ حَدّثْنَا " ، فَابْتَدَأَ النّعْمَانُ الْحَدِيثَ مِنْ أَوّلِهِ فَرُئِيَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - يَوْمَئِذٍ يَتَبَسّمُ ثُمّ قَالَ " أَشْهَدُ أَنّي رَسُولُ اللّهِ وَهُوَ الّذِي قَتَلَهُ الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيّ ، وَقَطّعَهُ عُضْوًا عُضْوًا ، وَهُوَ يَقُولُ إنّ مُحَمّدًا رَسُولُ اللّهِ وَإِنّك كَذّابٌ مُفْتَرٍ عَلَى اللّهِ ثُمّ حَرّقَهُ بِالنّارِ " .فهذه الحادثة تشير بوضوح إلى أن الأسود كان طاغية وهذه لا تتوافق مع صفات الأنبياء، لكنه قد يكون من عباد الله من يعطيهم الله صفات الأنبياء ومعجزاتهم ليفضحوا الكاذبين، وهذا ما حدث مع أبي مسلم الخولاني الذي كان له موقف نادر مع هذا الكذاب، نعرض له في اللقاء القادم إن شاء الله. ضمن نبوءات الرسول عن هذا الأسود الكذاب.