14 سبتمبر 2025

تسجيل

من الذي جعل الشباب التونسي ينخرط في الإرهاب؟

03 يوليو 2015

هذا السؤال طُرِحَ بقوة في تونس على أثر العملية الإرهابية التي نفذها طالب تونسي يوم الجمعة الماضي، في المنتجع السياحي بسوسة، وذهب ضحيتها 38 سائحًا غربيًا، و39 جريحًا؟ تعكس الأهمية التي اكتسبها التوجه التكفيري لدى الجهاديين التونسيين وحضورهم الدموي في أفغانستان والعراق وسوريا وإيطاليا وإسبانيا وتونس، قطيعةً بين هذا الجناح المتطرف الذي أصبح مرتبطاً بتنظيم «القاعدة»، ولا حقا بتنظيم «داعش»،والإسلام التقليدي الراسخ في تونس منذ ما يربو على 14قرناً. فقد أكد انخراط الشباب التونسي في المواجهات المسلحة في العديد من البلدان، ومنها تونس، منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن، عجز النظام الديكتاتوري السابق عن تأطير الشباب وحمايته مما يسميه التطرف الديني والإرهاب وخاض حزب«التجمع الدستوري الديمقراطي »الحاكم سابقاً، خلال العقدين الماضيين معارك عدة باسم الدين، بدأت بالأساس منذ مواجهته مع حركة النهضة في تسعينيات القرن الماضي حيث سعى إضافة إلى المواجهة الأمنية إلى إبراز أنه متدين ومحافظ على الدين أكثر من خصومه الإسلاميين ولم تقتصر معارك النظام الدينية على مواجهة خصم سياسي بل تجاوزتها إلى بعض الرموز الدينية من ذلك ما اصطلح على تسميته بمعركة الحجاب "الأزلية" ومعركة المساجد ومعركة مظاهر التدين عامة، وفي كل تلك المعارك عجز النظام على إنتاج خطاب ديني مقنع ولم يعالج النظام السابق تنامي ظاهرة التوجه السلفي من جانب الشباب التونسي،باعتبارها ظاهرة تعكس أزمة التصارع حول الدين في المجتمع التونسي، من خلال التخلي عن سياسة الانغلاق، والانفتاح على مختلف القوى المعارضة بما فيها حركة النهضة الإسلامية، والعمل على تفعيل دور المجتمع المدني وهذا ما طبع الدولة الناشئة بمنطق العنف كأداة مثلى لحسم الخلافات السياسية؛ وأرسى ثقافة سياسية تنبني على هذه المقوّمة.وأسهم الفراغ السياسي لدى شرائح الشباب التونسي لكي يعتنق الأفكار السلفية التكفيرية وحتى الإرهابية، بعد أن أظهر الشباب التونسي عزوفاً حقيقياً عن المشاركة في الانتخابات السياسية، والنشاط السياسي في الأحزاب القائمة، نظراً لانعدام الثقة في الأحزاب والمنظمات السياسية في البلاد ،لأنها لا تعبر في أغلب الأحيان عن هموم الشباب الحقيقية مثل البطالة. لابد من الإقرار بأن واقع عزوف الشباب عن العمل السياسي والجمعياتي أمر مفزع وخطير على اعتبار أن الانخراط في الأحزاب والمنظمات ضمانة تحصن الشباب من كل مظاهر التهميش والتطرف والانحراف..ولم يعمل النظام الديكتاتوري السابق على معالجة ظاهرة عزوف الشباب عن السياسة .وفي عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، انتهج النظام سياسية اقتصادية قوامها اندماج الاقتصاد التونسي في نظام العولمة . وكان من مظاهر سياسة الانفتاح هذه، تعمق الفوارق الاجتماعية بين الطبقات الاجتماعية، وتركز التنمية في المناطق الساحلية الشرقية وأهملت السلطة التونسية العديد من المحافظات الداخلية الواقعة في الشمال الغربي (باجة جندوبة الكاف)،والوسط الغربي(القصرين سيدي بوزيد)، والجنوب(قفصة ومنيين). لقد أسهم اشتداد الظلم الاجتماعي، وتكريس التفاوتات الشديدة في الدخل والثروة بين الفئات الاجتماعية، وبين المناطق الساحلية والمحافظات الداخلية الممتدة من الشمال الغربي إلى الجنوب، في تنامي الظاهرة الإرهابية في تونس. فقد اقترن حكم بن علي البوليسي بحالةٍ حادّة من الإخفاق التنمويّ الذي كاد يقضي على الكرامة الإنسانية للغالبية العظمى من الشعب التونسي. ويتجلّى هذا الإخفاق في عددٍ من الظواهر السلبيّة، مثل تفشّي البطالة في أوساط الشباب الحاصلين على شهادات جامعية، أو الذين تخرجوا مبكراً من المعاهد الثانوية ولم يلتحقوا بالجامعات، واستشراء الفقر، وما يترتّب عليهما من تفاقم الظلم في توزيع الدخل والثروة.