13 سبتمبر 2025

تسجيل

لا تنس إخوانك من دعوة محب

03 يوليو 2014

كثيرون لا تواتيهم الشجاعة إلا عندما يكونون بين الناس، أو يغلب على ظنهم السلامة.. هذا نجده في حياتنا العادية.. يتشاجر الناس فتجد أحدهم يسكت ويتلجلج ويعطي الدنية، حتى إذا حضر الناس ( الحجازون) قام يصرخ ويتحدى ويتعدى ويصير بطل الأبطال وقتال الرجال.. وترى آخر يتآسد على ضعيف أو غريب أو مسالم حتى إذا لقي الأشر منه والأقرن منه انزوى وانذوى وبلع لسانه وانحطت عقيرته.. وثالث ورابع ..وفي السياسة والسياسيين والإعلام والإعلاميين أيضا؛ فقد رأينا في فلسطين وسواها من يطول لسانه ويتفرع مقاله في ذم المقاومة، ولا يكاد يترك سبة إلا قالها أو شتيمة إلا تدنس بها؛ حتى إذا كان الحديث عن العدو وجرائمه انعقل لسانه وتحولت ذرابته إلى همهمات وزمزمات وبدا متذبذبا متماوتا كما لو أنه يختنق مع كل كلمة.. وفي مصر رأينا كتّابا وثوارا ارتفعت عقيرتهم في ثورة 25 يناير لما كان كل الشعب معهم .. ثم رأيناهم مرة أخرى ثوارا ضد مرسي يتواقحون ويتباذؤون عليه ويقودون الجماهير ضده.. وقد علموا أن الرجل إما متسامحا في حقه أو أن أجهزة الدولة ليست معه فلا يستطيع معاقبتهم.. حتى إذا جاء الانقلاب ورأوا الشر في عينيه والقتل والغدر والسجون بين يديه صمتوا صمت القبور أو غادروا المشهد، أو تأولوا فهما يعفيهم من البطولة والأسدية.. ومنهم ومنهم .. فقبح الله الجبن والخور ولعن الله فساد البواطن وخراب الضمائر. لكن في الطرف الآخر من المشهد، وفي ذات اللحظة وتحت نفس الظروف وبفارق القول والفعل والعقيدة والفهم رأينا قوما هم الرجال وأي رجال! أحيوا الأمة في زمن الموات، ففي فلسطين تمثلوا قول الحق عز من قائل (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) فواجهوا يهودا وفعلوا بهم ما لم تفعله جيوش جرارة وفرق مؤللة وعساكر رتب ونياشين؛ قصفوا عاصمة يهود، وقتلوا جنوده، وأسروا مقاتلته، وصمدوا ووازنوا ردعه بردع ورعبه برعب، غير عابئين بالثمن من فلذات أكبادهم وعلية قادتهم وحر حريتهم ومالهم، فكانوا بحق تجسيدا لمعنى " بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ"، واستحقوا بشرف أن يكونوا الطائفة التي بشر بها صلى الله عليه وسلم في قوله "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين.. "، قيل أين هم يا رسول الله؟ قال "في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.. ". وفي مصر أيضا وقفوا السنين الطوال ضد الطاغية، ولم تلن لهم قناة عن فضح فساده وصهينته، ولم يثنهم عن ذلك ترغيب ولا ترهيب، ثم وقفوا مع الثورة لما قامت ومن أول يوم، وإليهم تنسب حمايتها يوم "وقعة الجمل"، حيث كادت أن تتبعثر، ثم رفضوا الانقلاب الدموي الغادر من بعد، ولم تخفهم إرجافات المرجفين، ولم ترهبهم مؤبدات السجن وأحكام الإعدام، ولم يغيّروا ولم يبدلوا ولم يجبنوا ولم يترددوا، ولم ينسوا أن مصر أمهم وأنها عزيزة في دين الله قبل أن تكون عزيزة عليهم .. فصانوها من أي عنف أو ردات فعل، ولو أرادوا لما كان حالها ما نرى.. إن رأيت عالما مبدعا في أي طرف من الدنيا، ووجدته قويا واعيا وسطيا، ثم سألت عنه فلا تستغرب إن قيل لك إنه منهم أو قد تربى بينهم وعلى فكرهم، وإن سمعت عن ثورة قامت في وجه محتل وأنها أدمته منذ وجودهم قبل ثمانين سنة كانت الإجابة إنها هم أو منهم أو معهم.. وهم العلماء الراشدون، وهم المجاهدون الصامدون، وهم المبتلون الصابرون، وهم لب الثورات في العراق وفلسطين وسوريا ومصر وليبيا .. و.. إنهم الإخوان المسلمون.. الذين (صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)، إنهم الإخوان المسلمون الذين اجتمع على حربهم والحؤول بينهم وبين أمتهم أبناء العلل من بني صهيون وأذيالهم، متوهمين أنها ستكون معركة نصف يوم ! وما دروا أنهم يواجهون دعوة الله عينها، وأهل شريعته وحماة دينه وحفظة كتابه الذين بجفظهم حفظه وبعزهم عزه ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون).آخر القول: فإن كان رمضان قد قال الله تعالى في سياقه (فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)، فلا تبخل على الإخوان بدعوة محب، أن يثبت الله تعالى قلوبهم على التقوى، وأن يتقبل قتلاهم في الشهداء، وعبادهم في الأبرار، وأن يجبر كسرهم ويسدد رأيهم وأن يحقق الأمل على أيديهم.. (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم)..