14 سبتمبر 2025

تسجيل

زيادة تكاليف المهور وعزوف الشباب عن الزواج

03 يونيو 2023

إن عزوف الشباب عن الزواج من الموضوعات الشائعة التي لا يخلو مجتمع منها، والذي ظهر نتيجة لزيادة تكاليف المهور وهي من بين أهم الأسباب التي تؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج في الوقت الحاضر؛ خاصة بالمجتمع الخليجي الذي يفرض تكاليف باهظة لتزويج الفتيات، ولأن قطر من دول الخليج العربي؛ فبشكل مباشر نجد أنها من بين الدول العربية التي تزيد فيها تكلفة مصاريف الزواج، وغلاء المهور. فعلى الرغم من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم بتيسير الزواج على شباب المسلمين، في حديثه الشريف "إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ"، لكن لازال هناك من الأهل من يضيق على الشباب فرصة الحلال، والله عز وجل قال في كتابه الكريم في الآية 32 من سورة النور "وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"، وهنا تظهر قوانين الزواج الشرعي؛ حيث لا يشترط بأن يكون الزوج غنياً فالصالح أفضل من ذلك الغني الفاسد والعاصي، ففي الحديث الشريف والآية القرآنية الكريمة توكيد على أنه يجب على الأسر المسلمة تيسير الزواج وعدم تضيق الأمور على الشباب. واليوم وفي ظل غلاء الأسعار والأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم؛ لازال هناك من الأهل من يبالغ في طلب مهور الفتيات، فنحن لا نقصد هنا أن يزوج الأهل فتياتهم دون ضمان لحقوقهن المادية؛ ولكن الرحمة بهؤلاء الشباب الذين يسعون وراء التعفف من الوقوع في الفحشاء والمعاصي، فربما رفضك لهذا الشاب الصالح بسبب الماديات؛ يكون سبباً في فساده أو وقوعه في المعصية! فالتفكير في المغالاة في المهور ما هو إلا عادات اجتماعية متعنتة، تضع قيودا على الشباب المقبلين على الزواج، فيجعلهم عندما يواجهون هذا الكم من المسؤوليات المادية يعزفون عن الفكرة، فليس دفع المهر للعروس هو فقط ما يقع على عاتق الشباب؛ بل يقع على عاتقه مسؤوليات أخرى يجب الالتزام بها، مثل تجهيز المنزل وترتيب حفل الزفاف وشهر العسل ومتطلبات العروس المادية وغيرها الكثير، كل هذا يجعل الشاب يفكر في الاقتراض كي يتمم هذا الزواج، فإن وفق هذا الشاب في إتمام زواجه؛ سوف يقع تحت ضغط سداد الديون التي ستكون سبباً في الضغط النفسي والمادي عليه، مما يؤدي في أغلب الحالات إلى الانفصال. ويؤدي عزوف الشباب عن الزواج، لزيادة نسبة العنوسة في المقابل من جهة الفتيات، فالآباء الذين يرفضون تزويج بناتهن من شاب صالح ولديه دخل مادي جيد؛ فقط بهدف عادة اجتماعية لا تسمن ولا تغني من جوع؛ يكونون هم السبب في بقاء بناتهن في المنزل دون زواج. وأجد من وجهة نظري في هذا الموضوع أنها دائرة مغلقة؛ فكل من الشباب والأهالي والفتيات يدورون في نفس الدائرة، لن يستطيعوا تجاوزها؛ إلا إذا تقبل الأهالي فكرة التيسير في الزواج مثلما حثنا عليها نبينا الكريم وديننا الحنيف، فالإسلام لم يضع حداً معينا للمهر بالرغم من كونه شرطا أساسيا للزواج؛ لكنه لم يتم وضعه بالحد الذي يصل به الحال أن يطلب الآباء من الشاب المتقدم لابنتهم؛ مليون ريال قطري مثلاً، فهذا أمر مبالغ فيه في رأيي، فالراحمون يرحمهم الله؛ ويجب أن نضع ذلك نصب أعيننا، حتى لا يحاسبنا الله على هذا الجشع والمغالاة في مطالبة المهور. ومن الحلول التي يمكن ان تجعلنا نتجاوز هذه الظاهرة ونحد منها في وطننا العربي عامة؛ وفي دولة قطر خاصة يمكن ايجازها لتكون واضحة للقارئ فيما يلي: - للإعلام دور في ذلك؛ فيمكن من خلال وسائل الإعلام أن يتم نشر برامج توعوية تحقق لنا التوازن الفكري وزيادة الوعي لدى أولياء الأمور، تجعلهم لا يزيدون المهر على الشباب عند التقدم لطلب بناتهم. - هناك كذلك جانب ديني؛ فعلى رجال الدين أن يكثروا من الخطاب الديني الذي يوضح للشباب والآباء أن الزواج ليس مهراً فقط؛ وأن الغلاء في المهور لن يجلب السعادة إنما يؤدي إلى زيادة العنوسة وانتشار الفواحش في المجتمع، ويوضحون ذلك بالأدلة من تعاليم النبي وسيرته. - على الفتيات كذلك ألا تطمعن في المال؛ وأن تكون رغباتها هي بناء بيت آمن ومستقر، يسود فيه الخير والسكينة؛ فهذا أفضل لها من الزوج الغني الذي يدفع أموالا طائلة دون أن يكرمها كزوجة. - على الآباء أن يكونوا أكثر رحمة مع الشباب المتقدم لفتياتهم؛ فيتذكرون أنهم يوماً ما كانوا مكانهم، وأن لديهم أبناء سيحتاجون من يرأف بهم عند الزواج في طلب المهور.