15 سبتمبر 2025
تسجيلتقدمت الإمارات بشكوى لمنظمة التجارة العالمية ضد حظر دخول البضائع الإماراتية إلى قطر، وبغض النظر عن موضوع الحظر من عدمه وتفاصيله القانونية، وقطر نفت ذلك على أية حال، ولكن حقيقة لا يعرف بأي منطق ووجه تأتي أبوظبي الآن لتتظلم وتشتكي من حظر دخول بضائعها إلى قطر وهي نفسها تقول إن ذلك تم بعد فرض المقاطعة على قطر. أي أن أبوظبي هي من بدأ بالاعتداء، وهي التي تفرض حصاراً جوياً وبحرياً واقتصادياً واجتماعياً على قطر منذ عامين، وهي من قادت حرباً اقتصادية على قطر لضرب عملتها وتهجير رؤوس الأموال وتدمير قطاعها المالي وزعزعة استقرارها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. ومع ذلك فقطر لم تعاملها بالمثل، بل ما زالت مستمرة في إمدادها بأهم مورد وهو الطاقة. ثم منطقياً كيف يراد للبضائع الإماراتية أن تصل إلى قطر في ظل المقاطعة المفروضة عليها، وإغلاق المجال الجوي والبحري والموانئ والمطارات في وجه حركة البضائع والأفراد والتجارة والنقل مع قطر، ومعاقبة من يتعامل مع قطر من أطراف أخرى؟ وهذا أحد أشكال الحرب الاقتصادية المتواصلة على قطر منذ عامين، التي أبرز أشكالها هو الحصار نفسه أو المقاطعة كم يسمونها هم، فعمليا لا فرق. فأبوظبي هي نفسها من يعوق وصول بضائعها إلى قطر، وهي من أخّل بمبدأ التجارة الحرة والاتفاقية الاقتصادية الخليجية الموحدة، فإذا كانت أبوظبي جادة في إدعائها واهتمامها بقطاعها التجاري، فلماذا لا تفتح الأجواء والبحار والموانئ والمطارات أمام حرية حركة الأفراد والبضائع والتجارة الحرة وصلة الأرحام؟ ولكن للأسف أن أبوظبي تمارس النفاق والتجارة بهذه القضية والأزمة التي أضرت بشعبي البلدين لتحقيق بعض المكاسب القانونية والسياسية، من خلال تجزئة الموضوع ومحاولة استغلال بعض الثغرات القانونية، لتظهر أمام العالم في موقع الضحية المظلوم المتضرر المتحضر الذي يسعى لاكتساب حقوقه بالطرق القانونية المتحضرة المشروعة، لتحسين صورتها التي تشوهت بفعل تدخلاتها في شؤون الدول والشعوب هنا وهناك وفي حرب اليمن وحصار قطر، وأيضاً لتشتيت واستنزاف جهد قطر وإعاقتها عن الدفاع عن حقوقها وقضاياها. ولكن لا أعتقد أن ذلك سينطلي على منظمة التجارة العالمية ولا على غيرها، ففي نهاية المطاف من غير المنطقي تجزئة موضوع حصار قطر فهو قضية واحدة. ثم إن هناك نقطة في غاية الأهمية، وهي انعدام الثقة والمصداقية في نظام أبوظبي، ولا نقول بعد فرض الحصار وشن الحرب الاقتصادية على قطر، بل نتحدث بلغتهم ونقول بعد فرض المقاطعة، فالتعاملات التجارية والاقتصادية تبنى أولاً وقبل كل شيء على الثقة، ولا يمكن بعد ما حدث الاعتماد على نظام أبوظبي كشريك تجاري واقتصادي يمكن الوثوق به، في ضمان استمرارية تدفق السلع، وممارسة الأعمال والاستثمارات والتجارة الحرة، واحترام حقوق الملكية، وعدم إقحام السياسة وتقلباتها في التجارة والاقتصاد وعدم استخدامهما لزعزعة الاستقرارالاقتصادي في قطر مستقبلا كما حدث خلال هذه الأزمة. فمن حق قطر كدولة مستقلة وذات سيادة أن تتخذ ما من شأنه من إجراءات وسياسات لضمان استقرارها الاقتصادي والاجتماعي وحماية اقتصادها من الصدمات. ولذلك أدعو الفريق القانوني أو من يقوم على هذه القضية من الجانب القطري، أن يركزعلى هذه النقطة في الدفاع عن قطر.