15 سبتمبر 2025

تسجيل

العلاج النفسي والعلاج الديني

03 يونيو 2013

يختلف الناس كثيرا في رؤيتهم لأنواع العلاجات النفسية المختلفة وذلك طبقا لنظرتهم لطبيعة المرض النفسي ذاته، فالبعض يرى أن المرض النفسي ما هو إلا أمر بسيط نتيجة ضغوطات الحياة المختلفة وما على الإنسان إلا أن يجد الحل المناسب ويبتعد عن الضغوطات، ومادام جميع احتياجاته المادية متوافرة فلا داع للإنزعاج أو الشكوى، والبعض الآخر يرى أن اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى فقط هو الأمر الواقي الشافي في كل الأمراض والأعراض النفسية ولا داع إلى اللجوء إلى أي وسائل علاجية اخرى. بينما يرى آخرون أن الأمراض النفسية هي تشبه إلى حد كبير الأمراض الطبية المختلفة وبالتالي فان اللجوء إلى الطبيب المتخصص وإستخدام العلاجات الطبية أو النفسية الموصوفة سوف يساعده على الشفاء بإذن الله. وهذه الإتجاهات المتعددة تعكس الصورة الواقعية نحو رؤية المجتمع لطبيعة المشاكل والأمراض النفسية. وما نود أن نوضحه هنا أن البحوث والدراسات الحديثة في هذا المجال أثبتت أن هناك تغيرات كيميائية مؤكدة تحدث في الخلايا العصبية بالدماغ وتؤثر في إنتقال الإشارات داخل الأعصاب وهذه الإشارات سواء كانت إشارات تتعلق بالحالة المزاجية أو التفكير أو التصرفات كلها تتأثر بهذا الخلل في تركيبة وتركيز هذه المواد الكيميائية. وبالتالي فان العلاجات النفسية بحسب النظريات المختلفة تحاول وتجتهد لكي تجد الوسيلة المناسبة لإعادة تركيز هذه المواد داخل الدماغ، فعلى سبيل المثال هناك اصحاب النظرية النفسية التحليلية الذين يرون أن مناقشة المشاكل بمنهج واسلوب معين يهدف إلى إعادة إستخدام الحيل الدفاعية النفسية مثل الأفكار أو التبرير أو غيرها بشكل ملائم ومناسب وصحي قادر على إعادة تكيف الإنسان مع مشاكله. ولكن هؤلاء لم يستطيعوا أن يقدموا حلولا ناجحة لكل المشاكل النفسية خصوصا المشاكل العقلية. وهناك أصحاب نظرية العلاج الدوائي وهم يعتقدون أن استخدام الأدوية النفسية يستطيع أن يصلح هذا الخلل ويعيد التوازن مرة ثانية إلى كيمياء الدماغ. وأيضا ما زالت هذه النظرية مثلها مثل كل أنواع العلاجات الدوائية في فروع الطب المختلفة قاصرة على علاج بعض الأنواع من الإضطرابات النفسية أو العقلية، وأيضا برامج العلاج السلوكي ما زالت غير قادرة على تقديم الخدمة الصحية المتكاملة. وهنا أيضا يأتي دور العلاج الديني من حيث قوة التأثير على قدرات الإنسان الذهنية من مشاعر أو فكر أو تصرفات. ولقد أثبتت البحوث أيضا أن درجة التدين لها أثر تثبيطي قوي على بعض من الأعراض والمظاهر للمشاكل النفسية ولكن ما أصبح يتفق عليه العلماء في علاج النفس في معظم أنحاء العالم أن العلاج المتكامل أفضل هذه الأنواع جميعا. بمعنى أن استخدام الأدوية مع الدعم النفسي والديني والترشيد السلوكي جميعهم في نفس الوقت غالبا ما يؤدي إلى أعلى درجات التحسن والثبات في علاج المشاكل النفسية والعقلية.