16 سبتمبر 2025
تسجيلتغيير مسمى منظمة المؤتمر إلى التعاون قد يصلح الرؤية نحو عمل مشتركبعيدا هناك في العاصمة الكازخستانية أستانا التأم مؤخرا شمل وزراء خارجية 53 دولة إسلامية من بين جملة الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ليقروا تغيير هوية المنظمة وتبديل اسم تجمعهم هذا الذي انطلق من الرباط في عام 1969م إثر الحريق الغادر للمسجد الأقصى الشريف وليكون هذا التجمع محورا يوحد رؤية الدول الإسلامية وشعوبها التي يناهز تعدادها المليار ونصف المليار نسمة حيال القضايا العصرية والمخاطر التي تواجه الأمة وتفعيل سبل معالجتها والتصدي لها جماعيا وبعمل مشترك ومنسق بين الدول الأعضاء , فالمنظمة كانت استشرافا حيويا في الفكرة ومنهج العمل خاصة في ظروف نشأتها حيث قطبي القوى العالمية آنذاك وتجاذباتهما حيال مصير القضية الفلسطينية والتي تزامنت جذوة اشتعالها في تلك الفترة مع حريق قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام وتوسع الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة, وحقيقة تكمن فكرة تغيير هوية المنظمة إلى مهمة التعاون الإسلامي في التأكد العملي لأمانتها العامة من ضرورة مثل هذا التعاون ومختلف مجالاته للأمة وشعوبها, فربما قد نجحت المنظمة فعليا في تحقيق نتائج إيجابية وملموسة في صعد التعاون الاقتصادي بعد إنشاء غرفة التجارة الإسلامية وحفز التبادل التجاري بين الدول الأعضاء وتنفيذ سلسلة من المعارض التسويقية والتجارية بين دولها وحققت المنظمة نموا مستمرا في هذا الجانب ويؤمل أن يصل في العام 2020م إلى 20 في المائة من حجم التبادلات التجارية العالمية, فقد بلغت التبادلات البينية في العام 2009 م حوالي 1.28 تريليون دولار خاصة وأن الدول الإسلامية تمتلك 73 في المائة من موارد الطاقة العالمية وتنعم معظم دولها بمقومات اقتصادية وفيرة ومتقدمة, فخلاف تفعيل التعاون والتبادل التجاري البيني فالمنظمة مؤهلة وفقا لتلك الموارد والمقومات لأن تكون حلقة اقتصادية أقوى في حاضر العالم الذي ترتكن فيه القوة والإرادة إلى المكونات وحسن إدارتها والوصول بها إلى مستوى التأثير العالمي, وتلك نظرة استوعبتها الدول الأعضاء وأعطيت من خلال التحول الأخير في اجتماعات أستانا الكازاخية الفرصة ليكون التعاون الموسع هو زمام المبادرة والأرضية الأكثر صلابة نحو تحقيق التئام دولي إسلامي يجبر القرار السياسي البيني والمقابل في الفضاء العالمي وقواه وتكتلاته على قبول التأثير الاقتصادي الإسلامي كقوة قادمة ومحفزة لسلسة من التعاونات الأخرى وفي مختلف المجالات, أعتقد أن الفكرة نحو تغيير اسم المنظمة إلى التعاون الإسلامي كانت حيوية وفعالة في توقيتها وفي مضمون آليات العمل نحو فكرة التكامل وبناء القوة المتوافقة مع لغة العصر وهو ما يمهد كما أسلفنا إلى بناء قوة سياسية مؤثرة دون أن تتخلى المنظمة عن دورها في رأب صدوع العلاقات البينية الكثيرة بين دولها الأعضاء بتبني لغة خطاب هادئة وحيثيات معالجة غير منفعلة حيث لم يعد الخطاب السياسي والتحشيد المعنوي له ذا أهمية في دور المنظمة وتاريخها الذي تنافسه جملة من التكتلات الإقليمية والعرقية المتنوعة فكان لقاء أستانا قد حمل لنا جملة من الصور واللقاءات الجميلة والمفيدة لبناء تضامن إسلامي نوعي فقد حفلت برامج الوزراء بالحديث غير المتعمق في الخلافات والتركيز على بؤر التلاقي والتعاون بشكل أكثر عن غيرها من مجالات الحديث والحوار فخرج إلينا ضمن منتجات المؤتمر صورة للقاء عابر بين وزيري الخارجية لمملكة البحرين وجمهورية إيران الإسلامية , أيضا تحدث السيد صالحي وزير الخارجية الإيرانية عن نوايا طيبة وعبارات مؤثرة نحو العلاقة مع المملكة العربية السعودية آملا المزيد من التلاقي والتعاون لتجاوز الأزمات الآنية التي أثرت في فتور العلاقات بين البلدين, إذا ليس سوى المضي نحو التعاون الإسلامي تحت مظلة الهوية الجديدة فلعل في هذا التعاون ما يصلح الرؤية نحو عمل مشترك يدعم الوجهات السياسية وقراراتها لخدمة قضايا الأمة حيث لا تزال المقدسات الإسلامية التي كانت الباعث لقيام المنظمة تئن تحت الاحتلال وتحرق قلوب المسلمين أينما كانوا بسبب كثرة الخلافات البينية وتعطل العمل نحو تحقيق أهداف وطموحات المليار ونصف المليار نسمة تشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله[email protected]