14 سبتمبر 2025

تسجيل

توصيات فضفاضة لقمة الثماني

03 يونيو 2011

أسفرت قمة الدول الثماني التي عقدت في فرنسا مؤخرا عن مساعدات بنحو 40 مليار دولار لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خاصة مصر وتونس. بشرط القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية, وهو ما يعني السير في طريق اقتصاد السوق بكافة مقوماته. وقال وزير المالية التونسي إن الرئيس الفرنسي ساركوزي كان قد طلب من القمة تخصيص 40 مليار دولار , بينما جاءت التوصيات بنحو 20 مليار دولار فقط. والغريب أن ما صدر من تعهدات فعلية من دول الثماني يكاد يصل إلى 5ر3 مليار دولار فقط. وتشمل تعهدا أمريكيا بخفض للديون المصرية لديها بنحو 1 مليار دولار تنتظر موافقة الكونغرس. وتعهدا فرنسيا بنحو 1 مليار يورو أي حوالي 43ر1 مليار دولار. وتعهدا من وكالة التنمية الفرنسية بتخصيص ما بين 250 إلى 350 مليون يورو أي حوالي 500 مليون دولار كحد أقصى. وتعهدا ألمانيا بمبادلة ديون مصرية بنحو 300 مليون يورو أي حوالي 429 مليون دولار. وتعهدا بريطانيا بتخصيص 175 مليون دولار كمساعدات. ومبادلة إيطاليا ديون مصرية بنحو 40 مليون جنيه مصري. ومن هنا فإن باقي المبلغ يخص قروضا اتفقت عليها كل من تونس ومصر مع البنك الدولي بنحو 6 مليارات دولار. وهناك قروض من صندوق النقد الدولي تخص مصر منها 3 مليارات دولار. وقروض من بنك الإعمار الأوروبي. إلى جانب دعوة مؤسسات تمويل أخرى للإسهام مثل بنك التنمية الإفريقي والبنك الإسلامي للتنمية. كما احتسب ساركوزي في أرقامه نحو 10 مليارات دولار في شكل صندوق ستقيمه قطر مع دول خليجية لمساعدة دول الربيع العربي. ولا ندري ما شأن قمة الثماني بالمساعدات الخليجية لمصر حتى تحتسبها في بياناتها. وقال ساركوزي إن تحديد الحصص التي ستحصل عليها كل دولة من المساعدات ستتحدد في يوليو القادم. لكن الواضح أن نصيب المنح من تلك المساعدات محدود للغاية وأن أغلبها في صورة قروض. مما يعني تفاقم أوضاع المديونية الخارجية لمصر التي يصل دينها الخارجي 35 مليار دولار وتونس التي بلغ دينها الخارجي 19 مليار دولار. والصعوبات التي تواجههما في تدبير تكلفة الدين من فوائد وأقساط في ظل نقص العملات الأجنبية بهما. ويبدو أن قمة الثماني تعودت على إصدار عناوين ضخمة في ختام جلساتها مستغلة أنه لا توجد آلية لتتبع نتائج أعمالها خاصة أن قراراتها ليست ملزمة, فمن الشائع عن قراراتها أنه لا يتم الوفاء بها, ففي قمة اسكوتلندا عام 2005 حينما وعدت قرارات قمة الثماني بزيادة مساعداتها السنوية إلى نحو 50 مليار دولار حتى عام 2010. فإن تلك الوعود لم تتحقق بل إن دولا منها مثل فرنسا وإيطاليا تراجعت قيمة المساعدات التي تقدمها. وفي قمة يونيو 2007 التي عقدت في ألمانيا تم الوعد بتقديم 60 مليار دولار إلى دول إفريقيا لمكافحة الأمراض مثل الأيدز والملاريا والدرن, وهو مالم يتحقق بالكامل. وفي قمة يوليو 2009 وعدت القمة بنحو 20مليار للمشروعات الزراعية بالدول الفقيرة والنامية لمحاربة الجوع واستبدال المشروعات الزراعية بالمعونات النقدية وهو ما لم يتحقق بالكامل أيضا. بل إن العجيب هو اشتراط الإصلاح الديموقراطي للحصول على المساعدات. خاصة وأن قمة الثماني التي عقدت في إيطاليا في يوليو 2009 قد دعت الرئيس المصري مبارك والعقيد معمر القذافي لحضور القمة, رغم الممارسات غير الديموقراطية التي كان يمارسها كل منهم. وها هي فرنسا التي ساندت الرئيس التونسي السابق إلى وقت متأخر من الثورة وكانت لها علاقات قوية بالرئيس المصري السابق تتحدث الآن عن الإصلاح الديموقراطي في تونس ومصر. ولاشك أن دعوة قمة الثماني لمساندة دول الربيع العربي تأتي لتحقيق مصالح الدول الثماني ودول الغرب عموما, حيث تسعى لوجود نظم حكومية تميل إليها وتخشى من وصول التيار الإسلامي للسلطة في البلدين. كما تسعى لوقف الهجرة من جنوب المتوسط إلى أوروبا. كما تود من خلال شروط الإقراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ربطهما بالاقتصاد الحر وسياسات الخصخصة وحرية تحويل الأموال وروشتة الصندوق للإصلاح. كما تود الحفاظ على مصالحها التجارية في البلدين. خاصة وأن دول الثماني تحقق فائضا تجاريا شاملا مع مصر بلغت قيمته 19 مليار دولار بالعام الماضي. كما حققت دول الثماني فائضا تجاريا مع تونس بلغ 3ر1 مليار دولار بالعام الأسبق, حيث حققت دول الدول الثماني فائضا تجاريا مع تونس عدا فرنسا وانجلترا. والمعروف أن خمس دول من الدول الثماني تحقق عجزا تجاريا مزمنا بلغ خلال العام الماضي في أمريكا 690 مليار دولار. وفي انجلترا 153 مليارا وفي فرنسا 85 مليارا وفي إيطاليا 36 مليار دولار كما حققت كندا عجزا تجاريا أيضا. ولو كانت دول الثماني تود مساعدة مصر وتونس على الاستقرار السياسي والاجتماعي , كما تقول لأعفتها من ديونها لها. خاصة أن 48 % من الدين الخارجي المصري يخص ست دول من دول الثماني هي: اليابان وفرنسا وأمريكا وألمانيا وإيطاليا وانجلترا. كما توجد ديون لفرنسا واليابان وإيطاليا على تونس.