10 سبتمبر 2025
تسجيليوم من أيام الله سبحانه وتعالى الخالدة التي لا تنسى أبد الدهر إلى أن يرث الأرض ومن عليها، كان ذلك في رمضان من العام الثامن من الهجرة النبوية، شهد هذا اليوم الفتح العظيم لبلد الله الحرام، وهو مقدمة لنصر الله تعالى ونشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. واعلم أن الحق ماضٍ لا يمكن أن يقف في طريقه شيء ولو أتت عليه الخيانات والمؤامرات من الداخل أو الخارج وشُنَّت عليه الحروب، وهذه بشائر ودعوة للتفاؤل يزفها يوم الفتح لمن يدرك كل هذه المعاني وغيرها. يوم العزة والتمكين بعد صبر طويل، فكم للكبار من حياة وأثر في عمارة الأرض حتى ولو بعد الرحيل!. يوم العفو والصفح والتجاوز عن الأخطاء حتى من الأصحاب رضوان الله عليهم. يوم الأمن والأمان وإنزال الكبار منازلهم، وكذلك الناس، وهذا خلق عظيم لا يحمله إلاّ الكبار ((وَإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم)) صلى الله عليه وسلم، "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن"،"ومن دخل المسجد فهو آمن"، "ومن دخل داره وأغلق بابه فهو آمن"، متى تتعلم الإنسانية ودعاة حقوق الإنسان هذه المعاني والأخلاق والقيم في سلمها وحربها من خلق وتعامل نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين وصحابته رضي الله عنهم. يوم إظهار الحق وزهوق الباطل، وكسر شوكة الطغيان والكبر والبغي والعدوان والتسلط والاستعلاء على الغير. يوم تحطيم الأصنام الجاثمة حول الكعبة المشرفة ورفع راية التوحيد، كانت بالأمس آلهة يُدافع عنها وتعبد وتقدس وتُصان، ويوم الفتح صارت ركاماً تطأها الأقدام، وعودتها اليوم بأي شكل من الأشكال والاحتفاء بها تعدٍ على ((وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً)). يوم إركاس ممن تجاوز في العناد والوقوف في وجه الحق وأهله، حتى علت راية الحق والعدل ببارق سيوف الحق حتى ولو تعلق بأستار الكعبة زادها الله تعظيماً وتشريفاً. يوم التواضع والخشوع والتذلل والشكر على هذه النعمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوم الفتح ((إذا جاء نصر الله والفتح))، فالكبار لا يستعجلون موعد النصر والتمكين، فهو آتٍ بإذن الله مع الصبر والجهد والعمل والتضحية والثبات. يوم العدل على القريب والبعيد، وإنهم في صحبة تشريع رباني لا يفرق بين الناس، والجميع أمام أحكام الشرع سواء، لا تعطيل ولا واسطة. يوم فيه بيان لإكرام المرأة وإعلاء شأنها ودورها في المجتمع، وتقرير لمبدأ الجوار في الإسلام، إذ قال صلى الله عليه وسلم "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ" رضي الله عنها. "ومضة" قال الإمام ابن القيم رحمه الله "هو الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين…، وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء، ضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً". فكم فيه من دروس وعبر ومنارات يُهتدى بها في حركة الحياة بمساحاتها الواسعة، إنه يوم الفتح. [email protected]