08 أكتوبر 2025
تسجيلإذا ظن القارئ أنني بعنوان المقالة أقصد الحديث عن أحدٍ في دول الحصار، فهو قطعًا مخطئ، ويحتاج لإعادة تركيزه على الكائن الطبيعي لا الصورة الذهنية في مخيلته، لأنني فعلا أقصد الكلاب وأصحابها! وهو حديث ازداد أهمية مع ظهور فيروس كورونا، الذي نتج ابتداءً في سوق الحيوانات الأليفة!. * * * التحولات التي شهدها المجتمع جعلت مشهد الكلاب التي تُربى في المنازل مألوفًا في محيطنا، رغم أسفي أن يكون هذا هو الوضع السائد. لكن المُستغرب ألا تصاحب ذلك ثقافة مساندة له تديره، والواضح أننا نفتقد تلك الثقافة وكذلك التشريعات القانونية. حصل وأن تكرر سماعي نباح كلب بعض الجيران أيام الشتاء، حيث أعدوا له مسكنا فوق سطح منزلهم. لم يتوقف الكلب عن النباح طيلة الليل وإلى ساعات مبكرة من النهار لعدة أيام. وفي مناسبة أخرى وجدت أحد الغربيين يتمشى بصحبة كلب من فئة دوبرمان Doberman دون أي لجام، وكان يرمي كرة تنس ليلتقطها الكلب الشرس ويعود بها إليه. إمام المسجد اشتكى من خشية أطفاله من الخروج للعب خوفًا من الكلب الذي يخافون مجرد رؤيته. مع الإشارة إلى أن الكلاب تلاحق من يشعر بالخوف لقدرتها الفذة على اشتمام مادة الأدرينالين التي يُفرزها الجسم بكثرة عند شعور المرء به. بيد أن تلك المادة تُفرز بكثرة أيضًا عند شعور الإنسان بالتوتر أو حتى مجرد الجري، ولكن الكلاب لا تُفرق بين الأسباب المختلفة، فتُلاحق صاحب الإفراز العالي للأدرينالين ظنا بأنه خائف لجُرم ارتكبه. ولذلك فإنها ستلاحق الأطفال الفارين ظنا أنها تُسدي خدمة للمجتمع، بينما الجرم من نصيبها وصاحبها. ناهيك طبعًا عن المقدار المتزايد من فضلات الكلاب وأبوالها في شوارع الحي، عند خروجها مع أصحابها من الغربيين أو مع خدم أصحابها من العرب. وكم من مرة أوشكت أن أدهس تلك الفضلات التي لا يأبه لها أصحاب الكلاب أو عُمال النظافة الذين يرونها خارج اختصاصهم، وهم في ذلك معذورون!. بحثت عن جهة مسؤولة عن الكلاب، فوجدت قسما يتبع وزارة الداخلية معني بهذا الأمر (لا أذكر اسمه) فخابرتهم. وكان الرد الغريب الذي جاءني من الضابط أنه ما لم يقم الكلب بعمل عدائي، كأن يعض أحدًا أو يهجم عليه، فليس من حق الدولة التدخل، مُعللًا الأمر بالحرية الشخصية في اقتناء الحيوانات الأليفة، دون أن يلتفت إلى الإزعاج التي يتسبب به صوته المُدوي أو الخوف الذي يُعايشه الناس من ذلك الكائن الشرس. لم أعثر على قانون معني بتنظيم عملية اقتناء الحيوانات الأليفة لدينا (ولا أدري كيف تُدرج الكلاب الكبيرة والمخيفة ضمنها) لذلك أردت التعرف على قوانين البلدان التي صدرت لنا تلك الثقافة الغريبة على مجتمع مسلم لا ينبغي له اقتناء الكلاب إلا لحاجة الحراسة من خطر مُتوقع أو الصيد. لم أستغرب أن ولاية نيويورك الأمريكية أوجدت عديد النُظم الخاصة باقتناء ومرافقة الكلاب، سواء للرغبة الشخصية أو للاحتياجات الخاصة. ومما ورد فيها: "صاحب الكلب مُلزم بربطه بقيد لا يتجاوز طوله ستة أقدام (أقل من مترين) خارج منزله، ويتعرض لغرامة تصاعدية ابتداءً من خمسين 50 دولارًا للكلب الواحد حال عدم التزامه، ويمثل أمام المحكمة في المرة الثالثة! وفي حال وجد الضابط المختص بمُراقبة الحيوانات أن الكلب يُسبب الذعر بين الناس فمن حقه انتزاعه من صاحبه ووضعه في مأوى للكلاب، أو حتى قتله إذا كان مُصابًا بالسُّعار. "صاحب الكلب مُلزم بالتقاط فضلاته في حال تبرّزه في مكان عام، ويُغرم بقيمة خمسمائة دولار عند عدم التزامه. كما يُغرم بمبلغ مائتي دولار في حال شوهد دون حيازة المعدات الخاصة بالتقاط الفضلات، وإن لم يتبرز الكلب!" ناهيك عن عديد المسائل المتعلقة بتربيتها ومعالجتها وإيوائها أو حتى معاملتها بقسوة وإهمالها وتركها سائبة، ويجتمع في كل هذه المسائل استحقاقات مادية وقانونية مُلزمة، تفرض نظاما يحفظ حقوق الناس دون إهمال الحيوان. * * * أسئلتنا لمسؤولينا هي التالية: هل نحتاج إلى انتظار وقوع الفأس في الرأس بتعرض أحد لاعتداء من كلب خارج عن السيطرة، أو أسوأ منه بسبب تنمر صاحبه، حتى يتم وضع تلك القوانين المنظمة للتعامل مع الكلاب؟!. ثم هل ينبغي علينا أن نتقبل قذارة تلك الحيوانات وروائحها لانعدام مسؤولية أصحابها، بالنظر إلى أنهم أمنوا عقوبة تلك القوانين فأساؤوا الأدب؟!. وأخيرًا، وليس آخرًا، هل نحن بحاجة لانتقاص اعتزازنا بأنفسنا والتخلي عن توجيهات مصدر التشريع الرئيسي في بلادنا، بغرض استرضاء الغربي الأبيض في كل شأنه {حتى لو دخلوا جحر ضبّ خرب} دخلناه وراءهم؟! * * * لقد آن أوان مُراجعة هذا الأمر بكامله ابتداءً من انعدام الحاجة لوجوده، وانتهاء بوضع مصلحة الإنسان المجتمع أولًا. فما بتنا نبصره حولنا يُصعّب علينا التفريق بين الكلاب وأصحابها!. www.khalidalmahmoud.com