17 سبتمبر 2025

تسجيل

كتابة التاريخ

03 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من الإشكاليات المثارة في عالمنا العربي، ذلك السؤال الذي يثيره البعض، بهدف إثارة اللغط في كثير من الأحيان: من يكتب التاريخ؟ وعلى الرغم من أن الإجابة من السهولة بمكان، إلا أن دلالاتها عميقة الأثر، وفي الوقت نفسه تفتح مجالًا لأشكال عدة من النقاش، خاصة إذا نظرنا إلى أهمية كتابة التاريخ، وتأثيراتها في تشكيل الهوية، وحفظ كيان الأمم، وتوثيق أحداثها.وإذا كان البعض قد فتح المجال واسعًا لكي يكتب التاريخ كل من هب ودب، ومن ليس له ناقة ولا جمل في العلم بالتأريخ، فإن هناك من دعا إلى كتابته من غير المتخصصين، ومن غير المؤرخين أنفسهم، وأثار البعض جدلًا مفتعلًا في مياه راكدة بأن من يكتب التاريخ هم من يقتربون من الدوائر الرسمية، باعتبارهم أمناء هذه الأمة.هذا الاختيار، قد يكون من الخطورة بمكان، إذ إن هذه الكتابات قد تفتقر إلى الموضوعية أو النزاهة التاريخية، بل قد تكون محاولة للتشكيك في ما هو ثابت إرضاء لهذه الدوائر. والأخطر أن يتم تدريس مثل هذه الكتابات بالمناهج الدراسية، فتصبح جريمة تعليمية، تهدد أبناءنا في عمق هويتهم، وحقهم المعرفي.وقد يكون من اللائق الاشتباك مع الآثاريين في رغبتهم في كتابة التاريخ، ليشاركوا بذلك المؤرخين أنفسهم، غير أنه من غير المقبول جملة وتفصيلا بأن من يصوغ التاريخ ويكتبه هم نفر من غير المتخصصين، أو من أصحاب الأهواء، أو من يسعون إلى زعزعة هوية الأمة بكتابات باطلة.وإذا كان المؤرخون لا يجدون غضاضة في أن يشاركهم الآثاريون في التمهيد لكتابة التاريخ، بأن ينقب الآثاري ليؤرخ المؤرخ، فإن ما لا يرضاه العقل أو الواقع أن يكون هناك من غير المؤهلين علميًا ولا تربويًا من يسعى إلى كتابة التاريخ، والذي يشكل وعاء لهوية الأمم، ويبني حضارة الشعوب.والواقع، فإن محاولات تزييف التاريخ ليست وليدة اليوم، بل تمتد إلى عهود تاريخية يصل عمرها إلى آلاف السنين، على نحو ما هو ثابت في العهد الفرعوني ذاته، عندما قام "تحتمس الثالث" بطمس تاريخ "حتشبسوت" من العديد من المعابد والمقاصير، وعلى رأسها المقصورة الحمراء في مدينة الأقصر بصعيد مصر، وغير هذه الرواية العديد من القصص التي يحملها هذا العهد.والمؤكد أنه على الرغم من كل محاولات التزييف والتشويه للتاريخ من قبل غلاة الجهل والضلال، فإن التاريخ نفسه بفعل الشرفاء وأمناء هذه الأمة، قادر على لفظ كل هذه المحاولات، ولو بعد حين، والدليل ما تم الكشف عنه بعد آلاف السنين من محاولات الطمس والتزييف التي جرت بالعهد الفرعوني.