14 سبتمبر 2025

تسجيل

العراق بعد الانتخابات البرلمانية

03 مايو 2014

هي أول انتخابات برلمانية يعيشها العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية منه عام ألفين وأحد عشر، مقتل وجرح العشرات في التفجيرات التي وقعت لم تحل دون ذهاب العراقيين لصناديق الاقتراع، عمليات العدّ والفرز تجري على قدم وساق، وترجيحات بتصدر قائمة دولة القانون القوائم الانتخابية، نتيجة الفرز ستكون حاسمة لجهة هوية رئيس الوزراء القادم وشكل الحكومة.. ربما يفوز المالكي بولاية ثالثة أو يؤتى بغيره، والتحديات الداخلية كثيرة والتدخلات الخارجية هي أيضاً، الولايات المتحدة استبقت النتائج بالقول: إنها تخشى من الحرب الأهلية إذا ما فاز المالكي بالانتخابات، تصريحات تحمل دلالات عديدة وإشارات في أكثر من اتجاه، فكيف سيكون الحال إذا ما فازت قائمة دولة القانون؟العراق إذن أمام استحقاق انتخابي جديد، حال عاشته بعض دول الجوار أو تنتظره قريباً، والمنطقة في عمومها تكاد تكون مشتعلة، محاور تتشكل ومحاور في طور التشكل، ويتبع هذا وذاك تغيرات مستمرة وتبدلات محمومة لم تبدأ مع الثورة التونسية وحتماً لن تنتهي غداة انتهاء الاستحقاقات الانتخابية، تركيا إيران السعودية سوريا من دول الجوار العراقي.. العلاقات بينها لم تتخذ خطاً مستقيماً في يوم من الأيام، ومؤكد أنها كانت موزعة على محاور تتصارع فيما بينها، العلاقات السعودية العراقية هي اليوم في أوج تأزمها، العلاقات التركية العراقية تارة إلى تأزم وتارة إلى انفراج، التقارب الإيراني العراقي لم يسبق له مثيل، وسوريا يعلم الجميع ما بها وما تواجهه!. التحديات والتهديدات الداخلية لهذه الدول متشابهة، الطائفية وتصدير الإرهاب والتبعية تُهمٌ يَكِيلُها كلّ طرف للآخر، وهي أمور يتلظى بنارها الجميع، فهل تتوحد هذه الدول في مواجهة الأخطار نفسها، أم أنها بصدد إعادة التموضع في محاور جديدة؟ تصريحات المالكي في مؤتمره الصحفي يوم الخميس أعطى انطباعاً سلبياً أكثر منه إيجابياً، فالرجل بدأ الحديث عن أغلبية سياسية وأن الديمقراطية ليست توافقية. وهذا مؤشر على رغبة المالكي بالتفرد بالمشهد السياسي العراقي على تناقضاته وخطورته. ويبرر المالكي أن المحاصصة الطائفية كانت وراء أغلب المشاكل التي تواجه العراق حالياً والتي قد تؤدي إلى استقلال كردستان العراق ومن ثمّ تقسيم البلاد. لكن خصومه يردون بأن حكومته كانت طائفية في الممارسة والأهداف، وأن إقصاء العرب السنة عن الفعل السياسي أمر تتفق على وقوعه وحدوثه كلّ القيادات السنية في العراق، وأن التهميش لم يطل السنة على خلفية مذهبية بل طال قيادات شيعية على خصومة سياسية مع المالكي وتوجهاته.ما أوردته صحيفة الشرق الأوسط عن تقارير استخباراتية أمريكية ترجح انزلاق العراق من جديد إلى دوامة الحرب الأهلية في حال عاد المالكي للحكومة هو في جوهره خطير، حيث لم يتعاف العراق أصلا من جروح الاحتلال والاقتتال الداخلي، وموجة التفجيرات عادت أكبر من ذي قبل وإن كان يحسب للمالكي التحسن الطفيف في الوضع الأمني إلا أن اندلاع الثورة في سوريا أعاد الأمور أسوء من ذي قبل. وعادت الدولة الإسلامية تسيطر على مدن ومحافظات أوسع بل إن ثورة سنية مسلحة قد انفجرت بوجه الحكومة وفقا لما يقول طارق الهاشمي نائب الرئيس الفار إلى تركيا من الملاحقة.أيّا كان شكل التحالفات السياسية أو نوع الخارطة الحزبية القادمة بعد النتائج الرسمية، فإن التغير سيطال العراق، شأنه شأن دول عديدة في المنطقة. وسواء عاد المالكي للحكومة أو سُمي غيره لها، فإن أحدا لا يمكن أن يتكهن بما سيؤول إليه الوضع.. خصوم المالكي من الشيعة أمثال أحمد الجلبي يتهمه بتخريب العلاقة مع السعودية ودول الخليج، وأنه في حال فاز برئاسة الحكومة فسيعيد ترتيب العلاقة السعودية العراقية.. الرفض السعودي المطلق لعودة المالكي واضح فالمملكة لم تلتق معه في ملف واحد، سواء في الملفات الداخلية حيث تعتبر السعودية معنية حصراً بحماية حقوق أهل السنة في العراق أو في الملفات الخارجية مثل العلاقة المشبوهة مع إيران أو التورط في الملف السوري لصالح النظام ضد الثورة، وحتى في العلاقة مع تركيا فالمالكي لم ينتهج أسلوب الخصومة مع أردوغان خلافا للسعودية رغم الاستياء العراقي الشديد من تعاطي أنقرة مع إقليم كردستان أو إيوائها طارق الهاشمي عدو المالكي اللدود.