12 سبتمبر 2025
تسجيلمن خصائل المجتمع الناجح أنه يهتم بالعقل المفكر الخلّاق لا التابع النمطيّ، ويحافظ على هُويّة ذلك المجتمع وثقافته. ولهذا تعمل دولة قطر على تعزيز تلك العلاقة الطيبة مع التجديد المطلوب لمواكبة العصر والمحافظة على الحضارة والثقافة الإسلامية لتدفعهم للمشاركة في سوق العمل بحب وتفاهم. إن الإنسان الناجح دائماً ما يعمل على طلب العلم، وطلب النجاح ليرتقي لحياة أفضل، مبتدئاً في موطنه قبل الترحال للمجتمعات الأخرى. وأينما حل هذا المقيم في بقاع المعمورة سيرتقي سلالم التفوق في قلب المجتمع مضيفا النماء والازدهار، ولن يصعب عليه الانخراط في المجتمع المستضيف، وكيف لا يكون ذلك، إن كانت الدولة تشاركه بتلك الرؤى وتلك الأفكار الخلاقة ليصبح بعد ذلك جزءاً منها لا غريباً عليها مع عائلته. مقيم... كلمةٌ تُسمع وتُردد في بعض الأحيان على ألسن المجتمع القطري، ولكن تترجم بلحمة المجتمع بحيث لا يشعر من يقيم في دولة قطر إلا أنه أحد أفراد مجتمعها، وذلك اعتماداً على واقع الرضا المعيشي الذي يشعر به، وبالوفرة التي تقدمها الدولة على حد سواء - مقيم أم مواطن - في مرافقها ومؤسساتها التي ترعى مقومات الشخصية في صلاح الجسم والعقل والقلب والنفس. تشهد دولة قطر تطوراً هائلاً ملحوظاً عالمياً على الصعيد الاقتصادي والعمراني في تحقيق رؤيتها من بنية تحتية قوية تواكب العصر مع المحافظة على الهوية، وذلك من خلال ما تقدمه من خدماتٍ تعليمية وصحية وثقافية واجتماعية تتسم بالجودة، هذا التطور ألزمنا باستقطاب خبراء يشاركون العقول المحلية يداً بيد، وذلك لمواكبة التطور الحديث والهائل عالميا، واستكمال ما قد بدأته في تحقيق رؤيتها من بنية تحتية قوية ومتصدرة قائمة الدول عالمياً. بعض من تلك الخلفيات المستقطبة تكون خارجة عن ملّة الدين والعادات والتقاليد في المجمتع القطري، إلا أن ذلك لا يمنع أن تكون دولة مستضيفة محبة متفهمة تقدم لكل من يمشي على أرضها جميع سبل العيش، ليكون ذا شخصية متزنة مرحبا به، ويعمل على أرضها بحبٍ لها، وتقديراً لجهودها التي تتمثل في برامج مؤسساتها وأجهزتها ناهيك عن الترحيب وطيب التعامل في أروقتها. ولعّل وسائل التواصل الاجتماعي أصدق ما ينقل في إحداثياته ومستجداته واقع هذهِ الجاليات معبرا بأساليبه المختلفة، إما كتابة ومنشورا أو حتى مقاطع فيديو مصورة تنم عن التناغم في قلب المجتمع القطري. ومن هنا تسعى مؤسسات الدولة الثقافية على حد سواء الحكومية والخاصة والمدنية إلى إلقاء الضوء على ثقافة الآخر والتعريف بعاداته وثقافته، فمنذ عام 2010 قامت دولة قطر بتأسيس مكاتب لإصدار التراخيص الفنية والأدبية، تتبعها هيكلة وزارة الثقافة والرياضة مما يسهلّ للجاليات الأجنبية في دولة قطر ممارسة فنونها وآدابها المنصوص عليها في ميثاق الحقوق العالمية للإنسان. وذلك مع ضوابط تلزمهم باحترام الثقافة العربية الإسلامية، ويتعاون هذا المكتب مباشرةً مع وزارة الداخلية ووزارة الخارجية (عن طريق السفارات المعتمدة في الدولة). ولعل معرض إكسبو مثال على المساهمة الفعالّة في فتح باب الحوار مع الآخر والتفاهم معه من خلال انضمام بعض الشباب القطري لحركة الشباب العالمية ومشاركتهم في الملتقيات التي تنظمها الحركة سنوياً، إضافة إلى تبادل الزيارات بينهم وبين شباب البلدان الأخرى ليتحقق الاندماج الاجتماعي والثقافي فيما بينهم، هذا ويتم تشجيع الشباب الوافد في الدولة على المشاركة في الفعاليات الوطنية كاليوم الوطني واليوم الرياضي. حيث يتم في فترة تلك الفعاليات إصدار الكثير من الكتيبات والبوسترات بلغات مختلفة للتعريف بتلك النشاطات والحرص على توزيعها على جميع الجاليات، وبالأخص الجدد القادمون منهم، حيث يغلب على الأقدم منهم طابع تفهم عادات الدولة وتقاليدها بحكم الاختلاط المرغوب منهم مسبقاً في هذا الاندماج. ومن الناحية الثقافية والأدبية في إصدار الدوريات والكتب المترجمة الى اللغات الأخرى، فقد عكفت وزارات الدولة منذ وقتٍ طويل على إدخال اللغات الأخرى غير العربية في قائمة إصداراتها للتعريف بموروثها الثقافي وإنتاجها الأدبي المعزز للتفاهم بين الثقافات. ولعّل دعم ترجمة المواد الإعلامية وطرح الجوائز التشجيعية للجميع دون استثناء في الدين أو اللغة أو الجنسية أبرز دليل على ذلك، بحيث يتم تكريم المبدعين الإعلاميين الذين يعملون على تطوير الحوار بين الثقافات والأديان بهدف تعزيز التفاهم فيما بينهم، وفي احصائية لعدد الدوريات في دولة قطر لسنة 2015م، نرى أن الترجمة قد شملت اللغة الانجليزية والفرنسية والملبارية والسريلانكية، بالإضافة الى لغة الأوردو والنيبال والتاميل، تسعى قطر جاهدة إلى أن توفر النسخ بالقدر المطلوب لكل لغة، بالإضافة إلى زيادة عدد الترجمة إلى اللغات الأخرى في خططها القادمة. وكما ذكر سمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد حفظه الله ورعاه في افتتاح متحف قطر الوطني قائلاً: (إنّ دولة قطر زادت قوتها كثيراً بجهود أبنائها ومقيميها، فهم يعملون سوياً من أجل بناء البلد وتقوية الاقتصاد والحفاظ على كرامة الإنسان، والدفاع عن الحقيقة، وتبادل الخبرات، والأهم من ذلك أنهم يتبادلون الوّد بينهم). إن اللحمة في المجتمع القطري بين المواطن والمقيم برهنت نجاحها في الشارع القطري مع المحافظة على الهوية القطرية التي تتسم بالإسلامية العربية. إن تلك اللحمة قد عادت بالفائدة على كلتا الجهتين من حيث تبادل الثقافات وزيادة علوم المعرفة وتفتح البصيرة على الصعيد المحلي والدولي في مواكبة العصر فمما لا شك فيه نحن نعيش ونتعايش في عالم مفتوح الأفق سهل فيه الحل والترحال. تلك العلاقة المتبادلة في تبادل الثقافات عادت بالفائدة على كلا الطرفين تحت راية واحدة على خطى الأمير المفدى بتحقيق ما قد كان ولا يزال يطمح له من مجتمع مسؤول ذي مواطنة حقه وانتماء لثقافته الإسلامية والعربية مستنيرا بغيره نحو الازدهار بإبداع فكره وابتكار في عمله. [email protected]