04 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لست من المغرَمين بالمقاطع المصوّرة التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي المتعلقة بممارسات الجماعات المتشددة، خاصة أن معظم هذه المقاطع تتضمن مشاهد دموية وهمجية وإجرامية تأنفها النفس والأخلاق والدين. إلا أن مقطعًا مصوّرًا نشره أحد الأصدقاء على صفحته أغراني العنوان الذي أرفقه به وهو "ستخسر نصف عمرك إذا لم تشاهده"، لذلك وحرصًا على نصف عمري ارتكبت خطيئة مشاهدته. وكان من الواضح أن المقطع تم تصويره في سوريا حيث تجمع العشرات من رجال وشبان وفتيان وقوفًا في ساحة إحدى القرى، ويقف قبالتهم أحد رجال التنظيمات المتشددة وهو ينصحهم بأهمية ستر أهلهم انطلاقًا من الحديث النبوي "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، وأن الستر يساهم في تحصين المجتمع وأن...انتهى صاحبنا من نصيحته الإيمانية اللطيفة، ليتسلم منه الميكروفون زميل له، الذي دخل صلب الموضوع مباشرة فقال "مش حكتّر حكي، هالموضوع صرنا حاكيين فيه 100 مرة، اللي منشوف أمه أو أخته أو بنته بالشارع وهي لا تلتزم اللباس الشرعي سنقيّد رجليه كل واحدة بسيارة ونشلخه (نقطعه) نصفين، وهذه آخر مرة أتحدث بالموضوع، فهمتو ولا ما فهمتو؟". الرد السريع والجاهز لكثير من الإسلاميين، هو إنكار علاقة هذا الكلام وصاحبه بالإسلام والمسلمين، وأن أمريكا وإيران وسوريا وروسيا و... نجحوا في اختراق التنظيمات المتشددة وزرعت فيها عملاءها لتنفيذ أجنداتها. هو الرد الأسهل والأكثر إراحة للضمير، لكن لا أحد يكلف نفسه عناء البحث في خلفية هذا الأداء الهمجي، وهل فعلًا هو نتاج اختراق مخابراتي أم أنه نتاج تربية مشوّهة وأفكار عمياء وخُطب مليئة بالكراهية والحقد والضغينة والرغبة بالقتل وإذلال الآخر فقط لأن الآخر لا يؤمن بما يُراد له أن يؤمن؟! الرد الأكثر سهولة هو الادعاء بأن المتشددين الإرهابيين هم قلّة هامشية تسلّط عليها وسائل الإعلام الأضواء ضمن مؤامرة تهدف للإساءة للإسلام. ذريعة ربما تكون مقنعة للبعض، لكن هذه الذريعة يدحضها واقع أن إسلاميين آخرين كثر يؤمنون بأفكار مشابهة لأفكار التنظيمات الإرهابية المتشددة، لكن لم تسنح لهم الفرصة لممارسة إرهابهم وبطشهم لأنهم لم يمتلكوا السلطة والقوة التي امتلكتها التنظيمات المتشددة. هؤلاء الإسلاميون يملكون البنية الفكرية الجاهزة لممارسة الإرهاب والعنف والقتل، تنقصهم فقط الأدوات لتطبيق أفكارهم. كي لا نبقى في الأفكار لابد من إسقاط ما أقول على مثال حي: بعض الإسلاميين يؤيدون الثورة السورية فقط لأن بعض فصائل المعارضة يرفعون رايات تناسبهم، ويتحدثون بصراحة أنه إذا لم تعد هذه الرايات مرفوعة تصبح الثورة عدوة الإسلام يجب القضاء عليها. ولكن ماذا عن السوريين الذين يؤيدون الثورة ويحاربون النظام الظالم ويسعون للحرية والكرامة والعدالة، لكنهم لا يحملون هوية دينية أو قومية؟ الجواب: طالما أن هؤلاء لا يرفعون راية الإسلام يجب محاربتهم وقتلهم. ماذا عن السوريون من الطوائف الأخرى والعلمانيين؟ الجواب: الثورة إسلامية ولا مكان لغير الإسلاميين فيها. أفكار كهذه تدفعك للاعتقاد أن أصحابها جاؤوا من جزر الماوماو أو هبطوا من كوكب المريخ، لا يفقهون ما يجري من حولهم. هل يعتقد عاقل أن الشعب السوري الذي خرج منه بعض أبرز علماء الأمة وحَفَظَة كتاب الله، الذي تضع نساؤه الحجاب وتلبس الجلباب بالفطرة بحاجة لمن أتى إليهم من أقصى الأرض كي يعلمهم ما يرتدون ومتى يخرجون وكيف يلتزمون أوامر دينهم؟ هل كان السوريون ينتظرون من يخبرهم عن هوية ثورتهم وشكل الراية التي يرفعونها؟ الثورة لأهلها وأبنائها، هم الذين دفعوا ثمنها من دمائهم وحرياتهم، وهم فقط من يقررون مصير ثورتهم وهويتها.