29 ديسمبر 2025
تسجيلمن أي طائفة كنت ستصلك رسائل التخوين والتشكيك والاتهامات ضد الطائفة الأخرى. وهكذا دواليك حتى لا تشعر وأنت تستقبل مثل هذه الرسائل المكثفة والمتعددة المصادر من مجهول أو ناقل بجهل أن حرباً خارج باب بيتك استعرت واستعادت حضور الفتنة التاريخية بين المسلمين تلك التي شقت وحدتهم وخلفت لنا هذا الإرث الثقيل والمأزوم بجملة من العقد والصراعات المستجدة والتي فُبركت وحورت ومحورت حولها آلاف القصص والروايات حتى بعد قرون طويلة منذ عهد النبوة الكريمة ثم الخلافة الراشدة وما بعدها. ودون أن أدخل فيما لا يعنيني من تفاصيل في هذا الموضوع الشائك من مسببات وأهداف. أشدد هنا فقط على ضرورة الوحدة واللحمة بين عموم أفراد المجتمعات المحلية وهي الأقرب والأكثر خشية من تداعي الأزمة بعد أن أُجبر الجميع إلى الاصطفاف كل إلى انتمائه عقدياً وفكرياً وأصبح من لا يتوافق معك في هذه الملتقيات هو الضد " بعينه وعلمه " وهو ما وجد فيه هواة الفتنة من كل الأطراف مرتعاً خصباً لتنمية جهودهم ودمغ كل حادث أو حالة ضمن مشروع الفتنة الواسع. حتى حوادث المرور التلقائية في طبيعتها وتقديرها وظفت لشيوع الفتنة بيننا اليوم. وذاك مطعم لتلك الفئة وذاك متجر لهؤلاء وجملة تحذيرات أخرى تصل حتى إلى أقل ما يمكن التفكير فيه. وحقيقة نحن نختلف في مجموعة من الأساسيات والفروع ولكن نتفق أن هناك عقلا وفكرا يجب أن نحتكم إليهما فنحن نعيش في قمة عصر الثورة الإنسانية ونشترك في تاريخ ومستقبل واحد ونتقاسم مكونا واحدا وربما تفرقنا حادثة أو موقف لم نكن نملك حياله أو فيه نحن أبناء اليوم إرادة أو رأيا. كما أن الاحتكام إلى الفكر الإنساني ضرورة ملحة للفصل الذاتي بيننا فلو حكم كل منا ضميره واستعمل إنسانيته لوجد في نفسه قبولاً إرادياً للآخر دون أن تكون العدائية هي الخط الأول وعنوان المواجهة وميدان التحشيد بالأطروحات النابية والتنابذ البغيض. أكتب هذا وأنا تصلني كغيري وبمعدل يومي رسائل لو عرضت على أبجديات المهنة الإعلامية لوجدت فيها قلة الحرفية والامتهان الظاهر للمضمون فهي مجرد مشروع سبة للغير يجب أن تصل لأوسع نطاق ليعمم مداها ولتضيف مزيداً من الوقود للمعركة المفترضة. فكم سمعنا من حكايات وفبركات تاريخية تصب في هذا الصدد حتى أن كل طائفة تصنف الأخرى وفق رؤيتها وتنعت أخلاقياتهم بما لا يليق بل ويصل الحد إلى الرموز والأعيان وهكذا دواليك. ولكن الغريب أن جملة تلك الحزم من الحكايات تخبو مع انفراج الأزمات السياسية وتصعد للواجهة مع أول تماس سياسي حيث تظل الطائفية الشماعة الأقرب لتعليق المشاكل عليها وهو ما ابتليت به مجتمعاتنا ودولنا هنا رغم أن محاور التعايش والتواصل بيننا أكثر وأوسع. وحيث تنادي بعض الأوساط العاقلة الآن بضرورة تجريم التحشيد الطائفي أو النيل من الآخر بسبب الطائفية وهو مشروع نحتاجه الآن بكثافة ملحة لوئد المزيد من دواعي الفتنة إذا ما رغبنا السلامة لنا ولمجتمعاتنا ولأجيالنا لأن ترك الحبل على الغارب بهذه الطريقة المشاهدة الآن من التكثيف الإعلامي وظهور قنوات متخصصة للشتم المتبادل وسهولة التراسل والتراشق عبر وسائل الاتصال الحديث هي من الضرر المكثف على الجميع. ولنعلم أن فتنة الاختلاف عبرت 14 قرناً ولكن لماذا تستقر في زماننا بكثافة كالرصاصة الطائشة ليكثف لها المكثفون أعمالهم وينمقون ضد الغير كلامهم دون أن يتنبهوا إلى أن الضرر كله في الفرقة والتحشيد لها بينما السلامة في إعمال العقل والفطنة لمجاري الأمور وأصولها. لذا فلنتنبه ولنعي لما قد تجرنا إليه رسالة جاهلة تحرض على الإيغال في الكره والعداوة فهي تفعل فعل الرصاصة أو تزيد. فانتبهوا يا أولي الألباب.