11 سبتمبر 2025
تسجيلرحل عنا وبقي أثره.. رحل وبقي علمه.. رحل وبقيت محبة الناس له.. رحل وكلمة الحق لا تفارقه طوال حياته.. رحل ومضى في درب الكرام الأخيار الأعلام الخالدين الذين خدموا دينهم وكتاب ربهم وأمتهم وقضاياها، وعلى قائمة هذه القضايا فلسطين وقدسها الشريف.. رحل صاحب الكنوز، وأي كنوز، إنها كنوز من القرآن، فالكل راحل ومغادر (إنا لله وإنا إليه راجعون). إنه العلامة الرباني المفسر الدكتور صلاح عبدالفتاح الخالدي شيخ من شيوخ القرآن الكريم البارزين، وعلم من أعلام الأمة في عصرنا، ومن صُنَّاع الحياة فيها الذين لهم أثر، ففي مساء يوم الجمعة 25 جمادى الآخرة 1443 من الهجرة، الموافق 28 يناير 2022 من الميلاد، كان على موعد مع الرحيل، رحمه الله. بقاء العلماء العاملين الربانيين المصلحين خير ونعمة ورحمة لهذه الأمة والإنسانية كذلك، ومغادرتهم ثُلمة، بل إنها من أعظم الخطوب التي تصاب بها الأمة برحيلهم واحداً بعد آخر رحمهم الله في أوقات متقاربة. فقدته أمتنا رحمه الله عالماً جليلاً ومجاهداً، ومتميزاً في عطائه، وفي كتبه، وفي نصحه، وفي خدمته لكتاب الله تعالى، وبفقده رحمه الله سقط ركن من أركان العلم والحكمة والربانية والعطاء. وقد جاء عن الحسن البصري، رحمه الله، أنه قال «كانوا يقولون: موت العالم ثُلْمَة في الإسلام لا يسدُّها شيء ما اختلف الليل والنهار». وسأل هلال بن خباب سعيد بن جبير رحمهما الله قائلاً: يا أبا عبد الله ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا هلك علماؤهم». وما حاجة أمتنا اليوم إلى شيء حاجتها إلى عالم رباني عامل ناهض يسعى بدينه ومبادئه وثوابته وناشراً لرسالته لا يحيد عنها كصاحب الكنوز رحمه الله!. رحل العلامة والداعية الدكتور صلاح الخالدي رحمه الله وترك لنا الكنوز القرآنية الغالية (الأتباع والمتبوعون في القرآن- عتاب الرسول في القرآن تحليلٌ وتوجيه- الأعلام العجمية في القرآن تعريفٌ وبيان- لطائف قرآنية - وعود القرآن بالتمكين للإسلام- تصويبات في فهم بعض الآيات- مع قصص السابقين في القرآن دروس في الإيمان، والدعوة، والجهاد-الشخصية اليهودية من خلال القرآن تاريخ- وسمات- ومصير- في ظلال الإيمان- مفاتيح للتعامل مع القرآن) وغير ذلك من الكنوز القرآنية المذخُورة، وآخرها كما قرأنا كتابه الرابع عشر من سلسلة كنوز القرآن حمل عنوان (كواشف قرآنية للزيوف اليهودية) أنجز منه رحمه الله أربع صفحات ورحل عنا قبل أن يتمه رحمه الله. وله كذلك (الخلفاء الراشدون بين الاستخلاف والاستشهاد- القرآن ونقضُ مَطاعن الرهبان- الخطة البراقة لِذِي النفس التواقة) والسلسلة تطول مع كتبه القيمة النفيسة، فأي عزيمة يحملها هذا العَلم الرباني!. وأي همة ونفس تواقة كانت تلازمه في حياته رحمه الله!. ومن جماليات ما كتب رحمه الله: * «ولا يُنشّط العقل إلا تدبرُ القرآن، ولا يحافظ على حضوره وحيويته ونباهته إلا تدبر القرآن، ولا يقوي التفكير إلا تدبر القرآن». * «القرآنُ مبارك، بكل صور البركة ومظاهرها ومعانيها ومجالاتها وألوانها، مباركٌ بكل ما تحمله كلمة «البركة» من دلالاتٍ وجزئيات». «.... مبارك في تلاوته، ومبارك في علومه ومعارفه، ومبارك في معانيه ودلالاته، ومبارك في آثاره الحركية، ومبارك في أهدافه الواقعية». «ومضة» رحمك الله يا شيخ القرآن المبارك الدكتور صلاح عبدالفتاح الخالدي.. اللهم ارحمه رحمة واسعة، واجعل ذكره لنا نافعة، واجزه خير الجزاء وعظيم المثوبة على ما قدمه لدينه وأمته فهو خادم القرآن، اللهم تغمده بالرحمة والغفران والروح والريحان والرضا والرضوان، وأعلِ مقامه في الجنان، وأفض عليه شآبيب كرمك وعفوك ورحمتك، واحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. فرحمك الله يا صاحب الكنوز!. [email protected]