14 سبتمبر 2025
تسجيلالإذاعة هي أكثر الوسائل الإعلامية ارتباطا والتصاقا بالناس وذلك لما تقدمه لهم من فرص للتواصل الإذاعي بأصواتهم عبر مختلف البرامج المباشرة وبأقلامهم عبر مختلف البرامج الثقافية حيث وجد الناس في الإذاعة منذ ظهورها للمرة الأولى رفيقهم الدائم الذي يستمع إليهم ويستمعون إليه ويربطهم بالعالم بشتى الطرق والوسائل، الدليل أن هناك أصواتا منذ أن شاركت مع البرامج الإذاعية رافقتها وأدمنتها وتواصلت معها حتى اللحظة الأخيرة وحتى النفس الأخير وهذا ما يدل على عمق العلاقة بين الإذاعة والمستمع الذي وجد فيها نفسه وصوته وإحساسه وصحبته ورفقته الدائمة.. وقد لفت انتباهي الأسبوع الماضي تحقيق نشرته إحدى الصحف الزميلة عن برامج إذاعة قطر وذلك عبر استفتاء حول أهم البرامج التي لامست هموم المستمعين وقد اتفق الجميع في هذا التحقيق أن برنامج وطني الحبيب صباح الخير هو الوحيد الذي أدى رسالته الإعلامية على أكمل وجه كما اتفقوا على أنهم يعرفون إذاعة قطر من خلال هذا البرنامج فقط وطالبوا ببرامج مماثلة تسلط الضوء على كل ما يشغل المواطن والمقيم مما يخلق تفاعلا إعلاميا بين المستمع والبرامج بشكل عام كل ذلك قرأته فقط في العناوين البارزة على الصفحة ولم يسعفني الوقت لقراءة التفاصيل حيث كنت أحضر لبرنامج "إليكم مع التحية" وكان ذلك قبل البرنامج بدقائق مما جعلني أترك الصفحة جانبا لقراءتها فيما بعد لكنني وكالعادة خلطت بين الأوراق وضاعت مني الصفحة إلا أن العناوين البارزة تجسدت في بالي واستفزتني للكتابة.. من المعروف أن برنامج وطني الحبيب صباح الخير وعبر سنوات منذ انطلاقه شكل عمودا فقريا أساسيا لإذاعة قطر وقد منح هذا البرنامج لمستمعي الإذاعة كل الحرية للتعبير عن آرائهم وطرح ملاحظاتهم على الهواء بكل صدق وشفافية وهذا ما يتعطش له الفرد في كل مكان من العالم (مساحة كافية من الحرية يعبر فيها عن رأيه ووسيلة إعلامية صادقة شفافة يوصل من خلالها صوته للجميع) ذلك ما استطاع برنامج وطني الحبيب أن يحققه للمستمعين من خلال ما توفرت لديه من مساحة الحرية التي يتمتع بها هذا البرنامج ومن خلال هذه المساحة أيضاً استطاع البرنامج أن يتواصل مع الجهات المسؤولة ويجعل منها جزءا لا يتجزأ ليتواصلوا جميعا عبر الأثير حيث أصبح البرنامج حلقة وصل قوية بين المواطن والمسؤول يطرح القضايا ويعالجها على مرأى ومسمع الجميع، إنه الاستغلال الأمثل للحرية الإعلامية الممنوحة لهذا البرنامج فقد عرف العاملون عليه على مر السنوات كيف يستثمرون هذه المساحة من الحرية ليحققوا بها نجاحا منقطع النظير ويجذبوا إليهم أصوات المستمعين وقلوبهم ويكون الملجأ الآمن لهم ولحديثهم وشكواهم.. لذلك كله فمن الطبيعي جدا أن يتفوق هذا البرنامج على البقية لكن تخيلوا لو كانت جميع البرامج تملك هذه المساحة الحرة في طرح قضايا المواطن كما يطالب به المستمعون دوما عبر الصحافة.. لكان كل برنامج يختص بطرح قضية بطريقته الخاصة وربما أبدع كل بطريقته لكن ما لا يعرفه المستمع أن مخطط برامج الإذاعة تعتمد على التنوع لذا فلكل برنامج خط خاص به المطلوب أن يسير عليه دون أن يحيد عنه وكل برنامج يستهدف عقولا وفئات مختلفة من المستمعين عاملا على إرضاء كل المستويات والفئات الثقافية منها والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية وغيرها والخط الذي يسير عليه برنامج وطني الحبيب هو خط مختلف عما تسير عليه بقية البرامج لو كان ذلك الخط هو مطلب الجميع وهو ما يجد فيه المستمعون ضالتهم فما المانع؟ ولا أقصد هنا أن تتغير خطة البرامج لتكون كلها مشابهة لوطني الحبيب ولكن بالإمكان زيادة هذه الجرعة المطلوبة إما بتمديد وقت (وطني الحبيب صباح الخير)أو بجعلها على فترتين صباحية ومسائية وهذه المطالب من المستمعين ما هي إلا دليل واضح على نجاح البرنامج وحاجة الناس إلى مثل هذه المساحة المميزة من الحرية الإعلامية فهم يجدون في ذلك جسرا قويا يوصلهم إلى ما يحاولون الوصول إليه بعد أن تنقطع بهم السبل فلا يجدون ملاذا آمنا غير (وطني الحبيب).