03 نوفمبر 2025
تسجيلالطريق إلى العاصمة الدوحة من الأحساء السعودية ليس ببعيد، كما أن فلاشات كاميرات المراقبة في الجانب القطري تجبر غالبية السائقين على السير بالسرعة المحددة مع أن هناك من يمر بجوارك بسرعة الصاروخ، ومؤخراً سادت حالة من الامتعاض بين عدد من السعوديين بسبب تعقب المرور القطري لسيارات مخالفة لحدود السرعة القانونية في الطريق بين الدوحة ومركز أبو سمرة الحدودي إذ أجبرت السلطات القطرية سائقي تلك السيارات المتهورة إلى تسديد غرامة المخالفات المتراكمة التي ناهز بعضها المائة وثمانين ألف ريال حسب رواية بعض السائقين والتي تناقلتها الصحف المحلية السعودية وبعض المواقع الإلكترونية، عموماً تلك حالات فردية ونظام يجب احترامه والالتزام بمقتضاه خاصة أن ظاهرة السرعة في قيادة المركبات سبيل إلى الموت والمهالك والتسبب في زهق أرواح الآخرين، وما دعاني إلى الدخول إلى موضوع المقالة من خلال بوابة الطريق إلى الدوحة هي تلك الحملات المتكررة التي تتعاقب في مجتمعنا السعودي حول قيادة المرأة للسيارة وهو ما لم يصرح به رسمياً إلى الآن رغم كل المحاولات وكل ما قيل ويقال حول الفكرة من رفض ومطالبات توسعت دائرتها حتى أصبحنا نطالع عنها الكثير في الإعلام المحلي والأجنبي، بل قيل إن الوفود الأجنبية ورؤساء الدول يتطوعون ببحث الموضوع مع قيادة البلاد رغم أن مثل هذا القرار يعتبر سيادياً بالدرجة الأولى وتتداخل معه الخصوصية المحلية المرتبطة بثقافة المجتمع وميوله الفكرية، ففي حين يغض العالم نظره عن حقوق المرأة في العديد من المجتمعات والدول نجد من لا يزال يهتم وبكثافة بشأن قيادة المرأة السعودية للسيارة، وفي هذا السياق أعجبتني تغريدة للأخت غادة العويس والتي قالت "امرأة في مالي تعذب وفي سوريا تغتصب وثالثة في العراق تسجن وفي الصومال تئن جوعاً ولم يقلق الغرب إلا على امرأة لا تقود سيارة في السعودية" إذاً في الأمر برمته تسييس مبرمج واستنهاض للمواجهات بل يحسبه البعض دعوات صريحة للحرية المطلقة للمرأة رغم أن الأمر لا يحتاج هذا الحجم من الزخم والمتابعة ولعل في دخول المرأة السعودية إلى مجلس الشورى وبكثافة مقاعد كبرى أهم من موضوع القيادة في هذه المرحلة بالذات. أعود إلى الطريق إلى الدوحة وهي بلد خليجي يتوافق معنا تماماً في خصائصه المجتمعية وعاداته الموروثة بل وتنقسم فيه الأسر بين هنا وهناك أو حتى الأسرة ذاتها تقيم بين السعودية وقطر التي تسمح بقيادة المرأة للسيارة وفق ضوابط مميزة جعلت هذا الأمر يمر بسلام ودون أي إثارة أو حتى تبني هذا الملف من قبل الآخرين بل إن قيادة المرأة القطرية للسيارة لم تعد ملفتة للنظر مثلما لاحظت أنا ومرافقي في الطريق إلى الدوحة فكنا نرصد كم من بين السيارات العابرة تقودها امرأة ولكن دون جدوى فقد كان كل الطريق ذكورياً بحتاً وهو ما جعلني أفتح النقاش مع أحد الأصدقاء القطريين والذي ذكر أن هذه البالونة لم يتح لها المجال أن تنفخ وتحلق في سماء قطر فقد أخذ الأمر مبكراً وبضوابط وعقلانية ولم يعد فيه ما يؤرق أو حتى يذكر سوى أن بعض الأسر هنا تضع لها ضوابط خاصة مما جعل قيادة المرأة في أقل حالاتها خاصة وهو ما يدعونا حقيقة في السعودية إلى الأخذ بهذه التجربة إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك.