12 سبتمبر 2025
تسجيللم يكن عام 2023 مشرقًا أبدا بالنسبة للعالم الذي واجه التأثيرات المستمرة للحرب الروسية الأوكرانية، وانتهى بالعدوان الإسرائيلي على غزة. فقد شعر العالم كله بالأثر في ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة منذ عام 2022، ثم بعد ذلك حطمت الحرب على غزة الإيمان بالسلام العالمي والعدالة وسيادة القانون. كان عام 2023 أيضًا عامًا حاسمًا بالنسبة لتركيا مع التأثير السلبي للحرب الأوكرانية والانتخابات الرئاسية وزلزال كبير، وانتهى العام بالاضطرابات الإقليمية الناجمة عن حرب غزة. في السادس من فبراير تعرضت مدينة كهرمان مرعش التركية والمناطق المحيطة بها لزلزالين قويين (بقوة 7.7 و7.6 درجة على مقياس ريختر)، مما أدى إلى تدمير 11 محافظة بالإضافة إلى مدن الشمال السوري. وقد أطلق عليها «كارثة القرن» حيث فقد 50 ألفًا و 783 شخصًا أرواحهم في المنطقة وعانى منها ما يقرب من 15 مليون شخص. على اثر الزلزال، أعلنت تركيا حالة تأهب من المستوى الرابع، بما في ذلك المساعدات الدولية، وأرسلت ما يقرب من 70 دولة فرق بحث وإنقاذ إلى المنطقة ونقلت المساعدات إلى ضحايا الزلزال. وتسبب الزلزال في تضامن كبير داخل البلاد وخارجها حيث اعلنت كافة مؤسسات الدولة والمنظمات التطوعية حالة الاستنفار. أرسلت الدول العربية والإسلامية كميات ضخمة من المساعدات المالية والعينية. شاركت الحكومات والشعوب في كافة أنحاء العالم في حملات الإغاثة لمساعدة الضحايا في تركيا وسوريا. كما كانت المساعدات القطرية من أكرم المساعدات حيث تم تقديم المساعدات ومساكن الإيواء، كما قدمت المساعدة في نقل المساعدات القادمة من مختلف أنحاء العالم عبر طائرات الشحن. وأثار الوضع الكارثي بعض المخاوف بشأن جدوى إجراء انتخابات عامة في تركيا. وعلى عكس التوقعات، قررت إدارة أردوغان والمجلس الأعلى للانتخابات إجراء الانتخابات في موعدها (14 مايو). وكانت المعارضة المتمثلة في الطاولة السداسية متفائلة للغاية بهزيمة أردوغان في مواجهة الوضع الاقتصادي القاسي الذي تعيشه البلاد بسبب الحرب الأوكرانية والزلزال. ومن ناحية أخرى، فقد حدثت تطورات مثيرة للاهتمام مثل خروج ميرال أكشنار من الطاولة السداسية ومن ثم عودتها لاحقًا. كما انسحب مرشح المعارضة محرم إينجه من السباق بسبب فيديو جنسي مزعوم وإلقاء اللوم على المعارضة بدلا من الحكومة. واختتم السباق في الجولة الثانية (28 أيار/مايو) بفوز ائتلاف الشعب بزعامة أردوغان. وكانت النتيجة بمثابة اختبار لمنظور القرن الجديد بين التوجه الغربي التقليدي لحزب الشعب الجمهوري المعارض والرؤية متعددة الأبعاد لأردوغان وائتلافه. وشهدت العملية الانتخابية والفشل النهائي للمعارضة بعض الخلافات في جدول الطاولة السداسية الذي تم تحطيمه لاحقًا عندما ألقت رئيس حزب الخير ميرال أكشينار باللوم على زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو لتصرفه بأنانية في فرض نفسه كمرشح. وبالمثل، خسر كمال كليجدار أوغلو المنصب القيادي في مؤتمر حزبه لصالح أوزغور أوزيل الذي يدعمه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (5 نوفمبر 2023). ومن المرجح أن تدخل المعارضة الانتخابات البلدية القادمة بشكل منفصل، وهو ما سيعزز حظوظ مرشحي أردوغان في الفوز بإسطنبول وأنقرة ومدن أخرى. شهدت أيضا تركيا بعض التطورات المحورية في مجالات التكنولوجيا والطاقة في عام 2023. فقد أعلن الرئيس أردوغان عن الوصول للغاز الطبيعي بما يقدر بـ 710 مليارات متر مكعب في البحر الأسود، ووعد بتوصيل 25 مترًا مكعبًا للمواطنين مجانًا. وعند اكتماله، فإنه سيلبي ربع احتياجات تركيا من الطاقة. يهدف استثمار حزب العدالة والتنمية في كل من الطاقة المتجددة والنووية إلى تقليل الاعتماد على الطاقة الأجنبية. كما تم اصدار السيارة الوطنية المسماة TOGG للمساعدة في التوظيف والعجز التجاري حيث تستورد تركيا كمية كبيرة من السيارات بينما تنتج أيضًا بعض العلامات التجارية العالمية داخليا. وبطبيعة الحال، فإن نجاح «بيرقدار» والتكنولوجيا العسكرية الأخرى جذب الانتباه في العام الماضي. وربما ساعدت هذه الإنجازات أردوغان في الانتخابات النيابية والرئاسية. كما ستكون الانتخابات المحلية هذا العام حدثا مهما في العالم الجديد، ولكنها ليست بنفس أهمية انتخابات العام الماضي. ستظل السياسات المحلية والدولية لتركيا مثيرة للاهتمام للمراقبين الدوليين.