13 سبتمبر 2025

تسجيل

أمنياتٌ بين الذهاب والإياب

03 يناير 2011

منذ تسعة عشر عاماً.. ما تعانقت عقارب الساعة لينتهي عام ويبدأ آخر إلا وتغشَّاني ذلك الحزن الذي يشد أوجاعاً.. قد يقترب عمرها من العقدين، تعود نفس الاحزان مع كل يناير جديد، تعود حية كأنها بالأمس تشد من المآقي الدمع، ومن الروح مطر الدعاء لروح (أمي) فذاك موعد فراقها. حمل العام عصاه على كتفه ومضى، مضى بكل كراكيبه، وما زالت على أرفف النفس آمال كثيرة لم تتحقق، تركها العام المسافر في مكانها علها تستنهض منا تعباً أكثر، جهداً أفضل لتخرج من التهويم الى الحقيقة. كلنا لنا آمال لم تتحقق نأمل ألا يتركها عامنا الجديد في مكانها كسابقيه، كثيرون منا مروا في عامهم المسافر بكروب، وامتحانات وضوائق، ومحن، وابتلاءات كسرت ظهورهم، لكنها لم تكسر يقينهم برحمة الرب وتفريج الكرب، كثيرون أودعوا أحزانهم خزانة القلب المكسور، وما عاد لهم إلا الدعاء. في بدايات الأعوام تكثر الامنيات.. وأتمناه عاماً جامعاً للخير، والحب، والعدل، والنور، والأمل، والحرية.. والكرامةُ الإنسانية موفورة لكل بشر الأرض، أتمناه عاماً مانعاً للشر، والقسوة، والفساد، والإفساد، والجحود، والزور، والطمع، والظلم، وكل أمراض القلب المخفية.. أتمناه عاماً يحتفي بمحبة الإنسان للإنسان، وخوف الإنسان على الإنسان، وحنان الإنسان على الإنسان، أتمناه عاماً يلقي من سلاله للجائعين والمحرومين خبزاً وفرحاً، وللموجوعين شفاءً، وللمحزونيي سلوى، وللمحاطين بعقوق أبنائهم براً يدفئ برد ليلهم الطويل، أتمناه عاماً يبسط الرزق ويعين المحتطبين همومهم دون شكوى..أتمناه عاماً يقرأ أوجاعنا حتى قبل أن نبوح بها علنا نجد بلسماً.. أتمناه عاماً تمتلئ أكوابه إلى حافتها بالمسرة فلا يبقى جوع ٌ ولا مرض، ولا فاقة.. أتمناه عاماً يَفيضُ على بَشر الكوكب حناناً، وحباً، ورحمة. **** طبقات فوق الهمس: * عامٌ جديد يقول لك: إذا ما حام حولك الإحباط فكبلك، فتمثل قول الشاعر: أعلل النفس بالآمال أرقبها ______ ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل * إذا ما زارك الحزن ليحكم الوثاق حول قلبك ليزيده وجعاً فتذكر الكلمات المضيئة: (إن يردك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله). * اذا ما انهالت عليك حجارة الضاربين لا تردها بل ابنِ منها مرتفعاً وقف فوقه. * إذا أخذتك الدنيا في أحضانها بمجامع مباهجها، وترفها، وزينتها، وابتسمت لك ابتسامتها الموناليزية الساحرة، وقالت هيت لك!! خفْ منها.. واركض بكل قوتك على الركض، مبتعداً، فقد أعدت لك فخاً غطته بالورود، وتذكر من فورك قول الشاعر الحكيم: لكل شيء إذا ما تم نقصانُ فلا يغرَّ بطيب العيش إنسانُ. * لا تعاتب من أخلصت له فغدر بك، لا تعاتب الذي غبنك حقك، أو ظلمك في دينك أو عرضك أو مالك أو رزقك.. اتركه يحيط نفسه بظلمه كما تحيط الاسورة بالمعصم، فإن الله يُمدُ للظالم السائر في غيه حتى يأخذه أخذ عزيزٍ مقتدر. * في دفتر العام المسافر كلمات تقول: مهمٌ جداً عمل (جردة) حساب لكل عامٍ يمضي، ولنتأمل فاتورة أعمالنا (حسابنا) إن كان دائناً أو مديناً.. مهم أن نصلح ما أفسدنا من أعمال، وعلاقات، وصداقات، مهم أن ننصف من ظلمناه، وأن نعيد الحقوق لأصحابها، مهم أن ننتبه لذلك القطار الذي يعدو بنا الى محطة النهاية، لنقف موقفاً عصيباً حيث لا تنفع مناصب، ولا أحساب، ولا أنساب، ولا أموال، ولا أولاد، لنتأمل الفاتورة جيداً قبل أن يمضي بنا القطار فهي حتماً تشي برصيدنا بعد الحساب. * تحية لكل مسؤول كان في العام المسافر عوناً للناس، فقضى حوائجهم ورحم أوجاعهم، وخفف عنهم، وفك ضوائقهم، وما ابتغى جزاءً لا حمداً ولا شكوراً. * تحية لكل مسؤول سمع الشكوى فأنصف. * كل عام وأنت أيها الفارس النبيل رمز لكل معنى جميل.