10 سبتمبر 2025
تسجيلالبيئة مساحاتها واسعة ومتعددة، فالبحر له جماله ومشاهده، والبر له مباهجه ومشاهده كذلك، فهما من بيئتنا التي لا غنى لنا عنها في حاضرنا ومستقبلنا، كما كانت في ماضي الأجداد والأباء-رحمهم الله- فهي مرابعهم.. وهي أمانة!. فالله سبحانه وتعالى الذي أحسن كل شيء خلقه وأبدعه ((صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ))، استخلف الإنسان في هذه الأرض ليستمتع بها ويحافظ عليها، بل وإصلاحها وإعمارها بكل ما يفيده في حاضره ومستقبله وللأجيال، ويُبعد عنها كل ما يضرها أو يدمرها أو يأتي عليها بالإتلاف ((وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا))، فديننا الإسلامي بشموليته سبق كل الحضارات وأدعياء المدنية والتحضر، بل وكل الأنظمة والقوانين والتشريعات الوضعية، بالاهتمام والرعاية والمحافظة على البيئة بكل أنواعها ومكوناتها وحمايتها من كل ما يلوثها أو يشوهها بأي صورة من الصور، وله فيها من التوجيهات والإرشادات والآداب المرعية الناهضة في كيفية التعامل معها والاهتمام بها حتى في أشد الظروف وهو القتال مع أعداء الأمة. وما وصية الخليفة الراشد أبي بكر الصديق لجيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما وجنوده " يا أيها الناس.. قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني..."، وفيها " ولا تعقروا نخلاً ولا تحرّقوه، ولا تقطعوا شجرةً مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة..."، وما إماطة الأذى عن الطريق إلاّ لجعله نظيفاً يسر الناظرين، وميسراً لكل من يسلكه، "إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ"، "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ". "يَا نَبِيَّ اللهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ، قَالَ": اعْزِلِ الْأَذَى، عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ". وما هذه الإرشادات النبوية من أخلاق وقيم عملية، إلاّ لحماية الإنسان والبيئة وصيانتها من كل ما يؤذيها في جميع صورها ومساحاتها!. ولا يكلفك ذلك من الجهد، إنها المسؤولية الفردية والمجتمعية، وكذلك على مستوى المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، فالمسؤولية مشتركة وأمانة، وربَّ عمل سهل بسيط تحفظ به بيئتك ومجتمعك ووطنك وهو عمل دنيوي، ولكن له من الأجر منه سبحانه وتعالى. ومن أدرك ووعى هذه المعاني أتى بالمبادرات والأفكار الإيجابية العملية التي تخدم وتحمي البيئة، فغاية الإسلام من المحافظة والحماية والعناية والاهتمام بالبيئة وعمارتها لتحقيق مصلحة الناس. وما نراه اليوم من سلوكيات وتصرفات خاطئة من بعض الأفراد في تعاملهم مع البيئة، إنما هو ضرب من ضروب التعدي الواضح، تضر بسمعة مجتمعه وتشوه صورة بلدانهم، وكذلك ما يصُدر من الدول بشكل عام باعتدائها وإلحاقها الضرر بالمناخ نتيجة ملوّثات المصانع وغير ذلك، وما يجري كذلك للبيئة البحرية والطبيعة. فكل ما يجري الآن للبيئة من إهمال وإتلاف وتشويه وأذىً واعتداء أو تدمير وإضرار متعمد هو من الفساد في الأرض. فبيئتنا تكون جميلة بتصرفاتنا وبسلوكنا، فهي عبادة وأخلاق وسلوك وحضارة!، فمرابع الأجداد... أمانة!. في كل شيء!. "ومضة" مرابع الأجداد... أمانة!. إنها دعوة للنهوض والاهتمام بالبيئة ومباهجها!. [email protected]