14 سبتمبر 2025

تسجيل

سرطان الإرهاب واستئصاله

02 ديسمبر 2012

يشعر المسلم اليوم بالحزن والألم لما يقوم به من لا يخافون الله ويسفكون دماء إخوانهم المسلمين، ثم للأسف هناك من يطلق عليهم أسماء إسلامية ويصفهم بجماعات إسلامية أو أنصار الشريعة أو غير ذلك، هؤلاء السفاحون الذين لا علاقة لهم البتة بالإسلام الذي حرم دم المسلم وحرم دم المعاهدين وحرم القتل، ولا يجوز أن نوافق على ادعاءاتهم، فديننا وعروبتنا بريآن منهم ولا يمتون إلى أمتهم بصلة، هؤلاء مرضى شاذون عن الأخلاق والقيم الإنسانية وإنما هم وحوش ضارية وحتى الوحوش تتبرأ من سلوكهم. ما جرى من قتل للدبلوماسي الشهيد رحمه الله وأسكنه الجنة، لأنه قتل غدرا وهو يؤدي واجبه ويخدم وطنه ودينه وأمته، أما هؤلاء الذين تجندهم جهات معادية تريد الفتنة والحروب وإشغال الأمة بالحروب والصراعات الدموية واستنزاف طاقاتها ونشر ثقافة الكراهية والحقد، هؤلاء أناس يمتازون بالجهل والحقد والعقد النفسية، فلا يمكن أن ينتمي إلى مثل هذه الأعمال إلا مريض فاشل معقد نفسيا وعنده مركب نقص، وإذا درسنا حالات هؤلاء سنجد أنهم فاشلون في دراستهم وأن عندهم جوانب نقص وعقد نفسية، وهناك خلل في حياتهم، هذا هو الجامع لهؤلاء، أما ثقافتهم فهم يأخذونها من بعض ومن النت وليسوا ممن أخذ العلم من مصادره، فالمتعلم وصاحب الدين يخاف الله ويعرف أن القاتل مصيره النار وأن دم المسلم وماله وعرضه حرام، هؤلاء لا يقاتلون أعداء الإسلام وإنما يقاتلون أبناء الإسلام، كما وصفهم رسولنا: تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فقد سبقهم من قتلوا عبدالله بن خباب وقتلوا الإمام علي بن أبي طالب وغيره، فلا غرابة. لذا يجب أن نبرأ منهم وألا نسيء إلى الإسلام باعطائهم شرفا لا يستحقونه، وهم أبعد عنه بمسافات كبيرة، هؤلاء يحملون شعارات مختلفة، تارة باسم الدين وتارة باسم المخدرات والجرائم وغيرها. ولكن دعونا نناقش هذه الظاهرة السلوكية الدخيلة على أمتنا بكل صراحة ووضوح لأن الأمر أصبح لا يحتمل وغير مقبول أبداً والكل يدفع الثمن، فلابد من النظر إلى ذلك من جوانب مختلفة. * الجانب الأول: من يرتكبون هذه الجرائم يجب أن يطبق عليهم شرع الله وإقامة الحدود للحفاظ على أمن الناس واستقرارهم، فالعقوبات للمجرمين رادعة ولا تهاون فيها، وكان رسولنا نبي الرحمة لا يهادن حتى رفض وساطة أسامة بن زيد وقال له أتشفع في حد من حدود الله، والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها. * الجانب الثاني: أن نبدأ ننظر للعوامل التي تدفع لمثل هذا السلوك بتكاتف جميع الناس لبتر هذا المرض واجتثاثه من المجتمع، ويعبر الجميع برفضه، فلابد أولاً من صدور فتوى شرعية بالحكم على هؤلاء كبغاة خارجين ثم يتم توجيه الناس لنبذهم ورفضهم، خاصة من يحملون وينشرون هذا الفكر الخبيث. * الجانب الثالث: أن نحمي أبناءنا من هذا الفكر الدخيل ومن عصابات الإجرام وأعداء الأمة الذين يريدون أن يمزقوا أمتنا ويدخلوها في حروب أهلية ويستنزفوا ويؤخروا كل ما يؤدي بالنهوض الحضاري والاستقرار ويستنزفوا طاقات الأمة ويروعوا الآمنين ويدخلوا اليتم والحزن إلى بيوت الناس، فلابد من عمل ثقافي وتربوي وديني واجتماعي لمعالجة هذه المشكلة، وذلك من خلال توعية الآباء وتحميلهم مسؤولية رعاية أبنائهم وإشرافهم على تربيتهم، وأن يتحمل رجال التعليم مسؤوليتهم في هذا الجانب، وكذلك التعاون بين البيت والمدرسة ومحاربة التسيب من التعليم وتكثيف الثقافة الاعتدالية بين الطلاب، ولعل كلمة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، في طلاب جامعة الملك عبدالعزيز في نشر ثقافة الاعتدال تعتبر نبراساً ومنهجاً مهماً لو أن أساتذة الجامعة والتربويين ورجال الفكر استفادوا من معانيها ووضعوها منهاج عمل. نحن بحاجة إلى دور إعلامي متميز وتوجيه إعلامي يحارب هذا الفكر ونشر ثقافة الاعتدال كما أوصى سمو الأمير سلمان حفظه الله، وعلى رجال الدين والمؤسسات الإسلامية تحمل مسؤولياتهم بوضع خطة عملية. نحن بحاجة إلى ورشات عمل بهذا الخصوص لمناقشة خطط عمل لإنقاذ الأمة من هذا الورم الدخيل واجتثاثه، ولسنا بحاجة إلى لقاءات تكثر فيها الخطب والتوصيات غير الواقعية التي تبقى في الأدراج، نريد برنامجا يتم تنفيذه من الجميع لأنه أصبح أمرا وطنيا إسلاميا رسميا وشعبيا، وأتمنى أن تبدأ المؤسسات في العمل بهذا الخصوص. وما يجري في اليمن من هذه الجماعات في مناطق مختلفة من الجماعات المتطرفة ومن الحوثيين، والكل يعرف من يقف وراء هؤلاء وما هي الجهات التي تمولهم وتدعمهم لتدمير الأمة وجرها للحروب وإنهاكها، ومن هي الجهات المستفيدة من ذلك، فلا شك هناك دول في المنطقة تغذي مثل هذا العمل البشع الإجرامي وتروجه لمصالحها وللانتقام من العرب وتأخير التطور والوئام في مجتمعاتنا، ولكن لابد من إيجاد خطة جماعية لسيادة الدولة في اليمن وبسط نفوذها ودعم الرئيس الحالي للوصول إلى دولة مستقرة. إن دعم اليمن من خلال برنامج وتأهيل أمني وخطة بمشاركة عربية من دول ذات خبرة في هذا المجال لمساعدة اليمن على القضاء على هذه الفئات الخارجة عن سيادة الدول ولمنع السلاح غير المرخص أمر مهم في استقرار المنطقة، إضافة إلى استمرار برنامج الدعم الإنساني والاقتصادي الذي يجب ألا يتوقف، ويجب عدم إعطاء فرصة لهؤلاء لتحقيق أهدافهم، ولكن لابد من جمع القوى جميعاً في الداخل وخارج اليمن للقضاء على الجماعات المسلمة وبسط سيادة الدولة اليمنية تماماً مثلما نحارب الأمراض والأوبئة الضارة، كالكوليرا والملاريا والإيدز، فهل آن الأوان للعرب أن يساندوا اليمن، خاصة أن جهات عديدة تلعب بنيران الإرهاب لتحقيق أهدافها، ويجب منعها لكل الوسائل، والأرواح والنفوس أمانة في أعناق الجميع وآن الأوان للقضاء على هذه السلوكيات والجرائم بكل الوسائل المطلوبة لكل حالة.