15 سبتمبر 2025

تسجيل

حانت ساعة الصفر.. بكل فخر.. أتمنى بعد 12 سنة من الآن أن أحضر كأس العالم في قطر

02 ديسمبر 2010

كنت في العاشرة من عمري عندما شاهدت لأول مرة في حياتي مباراة لكرة القدم من داخل الملعب، وكان ذلك في عام 1981 حيث حضرت نهائي كأس العالم العسكرية لكرة القدم بين منتخبنا وشقيقه الكويتي بنجوم عصره الذهبي ومنهم عبدالعزيز العنبري وجاسم يعقوب وفتحي كميل وغيرهم، على استاد خليفة الأولمبي حسب مسماه القديم. مثل غيري من أطفال قطر قديما وحديثا كنا شغوفين بكرة القدم، وأذكر قبل أن تبدأ تلك المباراة كنت وأطفال منطقتنا نلعب الكرة في أحد "دواعيس" فريج وادي السيل التي طواها النسيان بعد إزالتها منذ خمس سنوات تقريبا، إذ بجارنا ينادي على أولاده وعلينا لنرافقه إلى الملعب ومشاهدة المباراة. لم نتردد لحظة في قبول العرض، بل وقبل أن يكمل الجار كلامه، وجدنا جميعا "منحشرين" داخل سيارته مغبري الوجوه والارجل ومتسخي الثياب. لم يُجد نفعا صراخه علينا بضرورة الاغتسال واستبدال ثيابنا ولا تهديده لنا بعدم تشغيل سيارته حتى ننفذ أوامره وأجبر على الرضوخ لمطالبنا، حتى انه اكتشف عند وصولنا إلى الملعب أن أحدنا قد جاء من غير نعليه. بالنسبة لي على الأقل، كان المشهد مثيرا في الملعب ليس في أن أكون لأول مرة واحدا من بين آلاف الجماهير التي تواجدت في الاستاد فقط وتشجع منتخبنا الوطني بكل حماس وقوة، ولكن أيضا لأنني شاهدت مباشرة نجوما لم أكن أشاهدهم سوى على شاشات التلفزيون أو صفحات الجرائد. ففي يونيو من عام 1981 كان المنتخب القطري العسكري على موعد مع انجاز كبير عندما حصل على المركز الثاني في بطولة العالم العسكرية الـــ30 التي أقيمت في قطر ذلك العام بعد خسارته أمام أقوى منتخب عربي وآسيوي في تلك الفترة، المنتخب الكويتي الشقيق، بهدف نظيف سجله في مرمى محمد وفا نجمه الشهير فتحي كميل برأسية أكثر من رائعة، علما بأن الفريقين التقيا في مرحلة المجموعات وانتهت مباراتهما بالتعادل الإيجابي بهدف لكل منهما. شعرت بفخر شديد وأنا أشاهد في الملعب نجوم منتخبنا بعد أن شاهدت كل مبارياتهم السابقة عبر شاشة التلفزيون ومنها المباراة ضد تركيا التي انتهت بالتعادل السلبي في مباراة تفنن فيها نجمنا منصور مفتاح في إهدار كل الفرص التي أتيحت له للتسجيل فشعر بالذنب ورمى بعد المباراة برأسه في احضان مدرب المنتخب آنذاك ايفريستو، أشهر وأنجح مدرب عرفته قطر، وهو يحترق بكاء لاحساسه بأنه تسبب في هذه النتيجة. كان المشهد رائعا وأنت تشاهد من الملعب، وفي ظل حضور جماهيري رهيب، النجم المتألق منصور مفتاح الذي قاد منتخبنا للصعود إلى المباراة النهائية بعد الفوز التاريخي على منتخب فرنسا العسكري بهدفين لهدف برفقة نجوم آخرين مثل حسن القاضي الفائز بلقب أفضل لاعب بالبطولة والحارس محمد وفاء الحائز على جائزة أفضل حارس إلى جانب مجموعة من اللاعبين الشباب أمثال ابراهيم خلفان، وخالد سلمان، ومحمد دهام، وعلي زيد وغيرهم. في مرحلة مراهقتي.. كنت قد تخرجت للتو من كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة قطر، وإذ بالأنباء تشير إلى نقل تنظيم كأس العالم لكرة القدم للشباب إلى قطر من نيجيريا نظرا للمشاكل التي واجهتها الأخيرة. ففي عام 1995 استضافت قطر كأس العالم للشباب FIFA حيث نظمت الحدث الذي شارك فيه 16 منتخبا وتوج بلقبه منتخب الارجنيتن بعد فوزه في المباراة النهائية على البرازيل بهدفين نظيفين في وقت قياسي وقبل ثلاثة أسابيع فقط من انطلاقها، وأنقذت الفيفا من ورطة واجهتها بعد المشاكل التي تعرضت لها نيجيريا التي كان يفترض أن تنظم هذه الدورة. ومثلما تم استدعاء منتخبنا للشباب على عجل للاستعداد للمشاركة في هذه البطولة كبلد مضيف، تم تشكيل لجان البطولة المختلفة واستدعي الكثير من الشباب للعمل فيها. وبالرغم من أن تخصصي الدراسي كان إدارة الأعمال فإن العمل الإعلامي كان يستهويني بشدة، وأتيحت لي الفرصة للعمل في اللجنة الإعلامية التي كلف برئاستها سعادة السيد سعد الرميحي سكرتير سمو الأمير للمتابعة. كانت بطولة رائعة بكل المقاييس، وشهدت تفاعلا جماهيريا كبيرا ومستويات فنية رائعة، وما زالت تحتفظ بأعلى معدل تهديفي. شاهدت الكثير من مبارياتها في مختلف ملاعب الدوحة التي احتضنت منافساتها ومنها استاد حمد بن خليفة بعميد الأندية القطرية النادي الأهلي، علما بأن المباراة الافتتاحية والنهائية أقيمتا باستاد خليفة الدولي وسط حضور جماهيري كبير يعكس شغف الشعب القطري بكرة القدم. في مرحلة نضجي.. كنت من بين آلاف المواطنين والمقيمين الذين عايشوا دورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة التي أقيمت بالدوحة عام 2006 وتفاعلوا معها خلال فترة المنافسات الممتدة من الأول إلى الخامس عشر من ديسمبر في ذلك العام. عشت كغيري فيما أطلق عليه "ألعاب العمر" ووصف بأنه أفضل دورة آسيوية على الاطلاق لحظات رائعةع على مدى 15 يوما منذ افتتاح الدورة وما تلاها من أحداث حتى حفل الختام. والألعاب الآسيوية هي ثاني أكبر حدث رياضي عالمي متنوع بعد دورة الألعاب الأولمبية الصيفية. وقد شارك للمرة الأولى جميع الأعضاء الـ 45 في المجلس الأولمبي الآسيوي في الألعاب. واستوعبت الدوحة حينذاك 13 ألف رياضي ومجموعات كبيرة من المشجعين خلال الدورة، كنت فخورا أن أكون واحدا من ضمنهم. بعد 12 سنة من الآن.. أبلغ من العمر الآن أربعين سنة، وإن شاء الله يكتب لي عمرا طويلا في طاعته وتتيح لي الفرصة أن أشاهد مرة أخرى حدثا رياضيا كبيرا في قطر وهو كأس العالم لكرة القدم عام 2022. ومثلما كانت الدوحة أول مدينة عربية تحتضن دورة الألعاب الآسيوية، إن شاء الله تكون الدوحة أول مدينة في منطقة الشرق الأوسط تستضيف كأس العالم لكرة القدم عندما يتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" قراره اليوم لصالح قطر بمشيئة الله. يدرك الفيفا أنه قد حان وقت تنظيم كأس العالم في بلدنا لترسيخ رسالة السلام والوحدة في العالم من خلال هذه المنطقة.