15 سبتمبر 2025
تسجيللا معنى لحديثكم عن «حقوق الإنسان» وأنتم تدعمون الجاني لافتراس الضحية رسالة مفتوحة إلى «الرئيس بايدن».. وتوابعه أكتب لك هذه الرسالة المفتوحة، في هذا الظرف الفلسطيني العصيب، ووسط هذا الصمت العالمي العجيب، الذي يشهد على الهوان العربي الغريب، ويبصم على مستقبل دولي مريب. أكتبها من عاصمة دولتنا قطر الدوحة، التي تبذل جهودها الدبلوماسية الحميدة، ومساعيها الدولية الحثيثة، بالتنسيق مع مختلف الأطراف المعنية، للإفراج عن «الأسرى» المحتجزين، في قبضة فصائل المقاومة الفلسطينية. .. وتحديداً حركة «حماس»، كخطوة ربما تشكل الأساس، لوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم، على أهلنا في قطاع غزة، الذي دخل أسبوعه الرابع، بدعم من إدارتكم المنحازة لإسرائيل. ومع تزايد ضحايا الحرب المدمرة، بين صفوف المدنيين الأبرياء، والأطفال الضعفاء، لا نفهم سبباً يدعو واشنطن، لعدم تأييد الدعوات، التي تطلق حالياً في مختلف الأرجاء، لوقف إطلاق النار، غير أن الولايات المتحدة، تسعى لنشر الدمار، في غزة، وإشعال النار في المنطقة! واسمح لي، أن أضع رسالتي، على مكتبك «البيضاوي»، في «البيت الأبيض»، وأخاطبك فيها، بمنتهى الصراحة «البيضاء»، مستنداً على ضرورة التفكير، بعيداً عن التنظير، ومرتكزا على مبدأ «حرية التعبير»، باعتباري «ناشطا قطريا»، مدافعا بقلمي، وقبل ذلك بعقلي وقلبي ولساني، عن فلسطين المحتلة، وقضيتها العادلة، وحقوقها المغتصبة، وشعبها المنكوب، ووطنها المسلوب. وأخاطبك، انطلاقاً من موقفنا الثابت في قطر، في مختلف الأوساط الشعبية، وعلى كافة الأوساط الرسمية، تجاه القضية الفلسطينية، باعتبارها قضيتنا المركزية، التي لا تهاون فيها، ولا مساومة عليها، ولا تفريط في حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق. والمؤسف، أن تحظى إسرائيل بدعمكم، وتنال تشجيعكم، وتستحوذ على إسنادكم، وتطغى بتأييدكم، لمواصلة عدوانها على الفلسطينيين! وهو العدوان الهمجي، الأكثر دموية، والأشد وحشية، والأعلى جنائزية، بالنظر إلى أعداد الشهداء، من الضحايا المدنيين، الأبرياء، الذين تجاوزوا ثمانية آلاف وخمسمائة شهيد، ويزيد، وآخره الغارة الجوية التي نفذتها قوات الاحتلال على مخيم جباليا شمال القطاع، مساء أمس الأول ـ الثلاثاءـ وأدت الى استشهاد وإصابة المئات من الفلسطينيين، وقد صرحت وزارة الصحة الفلسطينية بأن عدد الضحايا في مجزرة جباليا قد يكون الأكبر، وقد يناهز عدد ضحايا مذبحة المستشفى المعمداني! والمؤلم، بل الأشد إيلاماً، أن واشنطن تشجع المعتدي الإسرائيلي، على الاستمرار في عدوانه، وتدعم المجرم الصهيوني، لمواصلة ارتكاب جرائمه! وتشجع «الإرهابي نتنياهو» على إرهاب الفلسطينيين، وقتل المدنيين، عبر تقديم إدارتكم، كافة أشكال الدعم السياسي، والعتاد العسكري، والإسناد اللوجستي لإسرائيل. وبطبيعة الحال، فإن هذا الدعم الأميركي، يجعل سلطة الاحتلال، تتصرف وكأنها فوق القانون الدولي. .. ويشجعها على الإمعان، في ارتكاب المزيد من جرائم الحرب، بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وعدم الإذعان لصوت الضمير الإنساني. وما من شك، في أن الولايات المتحدة، بانحيازها الأعمى لحكومة الإرهاب الصهيوني، في عهدكم «الميمون»، ولا أقول الملعون! .. وتشجيعها المجنون، للعدوان البربري الوحشي الهمجي الإسرائيلي، المتواصل على الفلسطينيين، تشكل صدمة إنسانية، وتسبب انتكاسة حضارية، لا يمكن للجنس البشري، أن يتجاوز آثارها السلبية، لعشرات السنين. ولا يمكن للتاريخ أن يتجاهل، انتهاك حقوق الفلسطينيين، ولو بعد حين. السيد الرئيس «الديمقراطي» المنحاز لإسرائيل، قولاً وفعلاً وتفاعلاً وانفعالاً. لم يعد هناك أي معنى، لحديثكم الممجوج، وخطابكم المرجوج، عن «حقوق الإنسان»، وعن الحرية، والديمقراطية، والعدالة، وسيادة القانون، وغيرها من الشعارات الزائفة، التي تحاولون تسويقها إلينا، وتمريرها علينا، وإقناعنا بها، ونحن نجدكم تدعمون الجاني، لافتراس الضحية! ونجدكم «تبربرون»، أقصد تبررون العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، بدعوى «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»! وكأن «الدفاع عن النفس»، حكر على الصهاينة! والملاحظ أنكم، في نفس الوقت، تتجاهلون، حق الشعب الفلسطيني، في الدفاع عن وطنه السليب، وأرضه المغتصبة،، وحقوقه المنتهكة، وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس. وتعلم أيها الرئيس، بحكم دراستك التاريخ، وعلوم السياسة، والقانون، وتجربتك السياسية الطويلة، أن كل احتلال، تواجهه مقاومة وطنية، تتصدى له في الحال، حتى نيل الاستقلال. والمقاومة الفلسطينية الباسلة، لا تخرج عن هذا الإطار، ولا تشذ عن هذه القاعدة، التي مارستها كل شعوب العالم، ضد الاستعمار. ولا يخفى عليكم أيها الرئيس بايدن، أنه منذ عام 1948، وهو تاريخ «النكبة»، التي تم فيها تأسيس الكيان الصهيوني، في الوطن الفلسطيني المحتل. ومن بعده عام 1967، تاريخ «النكسة»، ولا أقول «النكتة»، التي احتلت فيها إسرائيل الأراضي العربية، لا تزال حكومة الاحتلال، تتنكر لحقوق الفلسطينيين، التي يفترض أن يحصلوا عليها، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. ولا تزال القضية الفلسطينية، أكثر قضايا العالم قهراً، وأشدها قمعاً، وأكثرها إيلاما، وأطولها عمراً. وحتى اليوم لم تتحرك الولايات المتحدة، لإيجاد حل عادل لها، ولم تتخذ إدارتكم أية إجراءات جدية، أو خطوات عملية لمعالجتها جذرياً، وحلها جوهرياً، وفق الحلول العادلة، والمعالجة الدائمة، المنصوص عليها، في قرارات الأمم المتحدة، ذات الصلة، ومن بينها مبدأ «حل الدولتين». وعلى هذا الأساس، ينبغي فهم أسباب أحداث السابع من أكتوبر، التي أصابت إسرائيل في الصميم، بأنها ناجمة عن سنوات من المواقف المدمرة، والسياسات المتفجرة، التي اتخذتها إسرائيل، ضد الفلسطينيين، بتشجيع من إداراتكم المتعاقبة، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. السيد الرئيس الأمريكي، صاحب التصريحات الدرامية! المؤسف، أنكم تتفرجون على العدوان البربري الإسرائيلي، ضد الشعب الفلسطيني، وكأنكم تتابعون باستمتاع شديد، أحداث أحد أفلام «الكاوبوي»، التي تسمونها «الويسترن» التي اشتهر بها «كلينتستوود»، وتحديداً فيلم «الطيب والشرس والقبيح»! وأستطيع القول، إن «الطيب» هو الإنسان الفلسطيني، الباحث عن حقوقه المشروعة، الطامح لإقامة دولته المستقلة. و«الشرس»، هو المحتل الإسرائيلي، الذي يتجاهل القرارات الدولية، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ويواصل الاعتداء بشراسة على الشعب الفلسطيني، ويمثله المحتال نتنياهو، الذي يعيش أسوأ فتراته، في رئاسة حكومة الإرهاب الصهيوني. أما «القبيح»، فهو كل سياسي أوروبي، لا يؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني، وكل رئيس غربي يؤيد إسرائيل، في عدوانها الهمجي على أطفال فلسطين. السيد «بايدن»، ولا أقصد الواهن، تعلم، أن العالم يعلم، بأن دولتكم «العظمى»، قامت على جماجم الهنود الحمر، وإبادة الشعوب الأصلية في القارة الأمريكية، في أكبر عمل إرهابي في تاريخ البشرية. لكن ذلك الإرهاب الذي مارسه أجدادكم، لا يعطيكم الحق، في الوقوف مع إسرائيل، لشن حرب إبادة جماعية للفلسطينيين. ومع استمرار الإرهاب الإسرائيلي المنظم، ومواصلة جيش الاحتلال، قصف الأحياء السكنية، وهدم المرافق المدنية في قطاع غزة، بإطلاق الصواريخ، وإلقاء القنابل، وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، الذي يستهدف البشر ولا يترك الشجر ولا يستثني الحجر. ينفطر قلبي ألماً، ويعتصر فؤادي حزناً، على شهداء فلسطين، الأبرياء المدنيين، ومنهم عائلة الزميل الإعلامي «وائل الدحدوح» مراسل قناة الجزيرة في غزة، الذين استهدفتهم غارة «إرهابية» إسرائيلية، فاستشهدوا. وكان بينهم حفيده «الرضيع آدم»، الذي لا يزيد عمره عن (45 يوماً)، ويحمل اسم سيدنا آدم «أبو البشرية»، عليه السلام، الذي من نسله كان النسل، وجاءت أنساب الناس كلهم إليه، بمختلف أشكالهم وكل ألوانهم، وكافة معتقداتهم الدينية والدنيوية. ولم يكن ذلك الشهيد الفلسطيني، المولود حديثاً «متورطاً» في أي نشاط سياسي، أو فعل «نضالي»، أو حراك «ثورجي»! وهو لم يطلق صاروخاً، من «صواريخ القسام» على «تل أبيب». ولم يوجه طائرة مسيّرة، ولم يفجر سيارة مفخخة، مليئة بالمتفجرات، في عمق الكيان الصهيوني. ولم يرتدِ حزاماً ناسفاً، لتفجير إحدى المستوطنات الواقعة في غلاف غزة. ولم يصدر «بياناً ثورياً»، يفيض بعبارات «الكراهية»، ويمتلئ بمفردات «معاداة السامية»! بل كان ذلك «الشهيد الرضيع»، الذي لا يزيد عمره على شهر ونصف، ينتظر رضعة الحليب، وتغيير حفاظات «البيب بيب»! هناك في «مخيم النصيرات»، نزحت عائلة «آدم»، من منطقة «تل الهوى»، بحثاً عن الأمان، فاستهدفتهم الغارة الإسرائيلية بالعدوان! واغتالت (12) من أفراد العائلة «الغزية» النازحة، بينهم (9) أطفال أحدثهم «الدحدوح» الصغير. وهذه أحوال أطفال القطاع، المقطوع الأوصال، بين طفل جائع وآخر ضائع، وواحد ينتظر الغداء، وثانٍ يحتاج إلى الدواء، وثالث يتلهف إلى الكساء. ورابع يتيم، فقد والديه، في القصف الإسرائيلي، وخامس وسادس وعاشر، يعيشون وسط الرعب! ومثلهم آلاف الأطفال، يحاصرهم الخوف، والدمار، والدماء والأشلاء، والموت الذي لا يفرق، بين الصغار والكبار. السيد رئيس الولايات المتحدة.. التي تتباهى بدفاعها عن «حقوق الإنسان»! هناك في غزة المحاصرة، يتعرض الإنسان الفلسطيني، في هذه الساعات، إلى القصف الأعنف براً وبحراً وجواً، ويستهدفه العدوان. هناك أصبح سفك الدماء، وإزهاق أرواح الأبرياء، مشهداً يومياً، وفعلا اعتياديا. هناك أصبح الموت، شاهداً على المشهد الفلسطيني الدامي، الذي قتلت فيه عائلات بأكملها، ومحيت من الوجود، وحذفت من السجلات، ودمرت خلاله أحياء بكاملها، فأصبحت بلا حدود! هناك في هذه اللحظات، تشن الآلة العسكرية الإسرائيلية حرباً وحشية، همجية، بربرية «نازية»، ضد الفلسطينيين هدفها الإبادة الجماعية، وأساسها تغيير الخريطة الإقليمية. وما من شك في أن المجازر، التي ترتكبها إسرائيل حالياً، ضد الشعب الفلسطيني، تشكل «وصمة عار» لإدارتكم، لأنكم تؤججون الحرب الوحشية، وتشجعونها بتصريحاتكم التحريضية. وهي «وصمة عار» في سجل الرئيس الفرنسي «ماكرون»، الذي يصم أذنيه، عن صرخات أطفال غزة واستغاثاتهم! وبدلاً من أن يسعى لوقف الحرب، نجده يطالب بتشكيل «تحالف دولي»، لمحاربة المقاومة الفلسطينية، للتغطية على فشله الذريع، في منطقة «الساحل» الإفريقي! وهي «وصمة عار»، في ملف المستشار الألماني، «أولافشولتس»، الذي يشاهد سفك دماء الفلسطينيين، ولا يدعو لوقف الحرب الهمجية، وكأنه يتابع مباراة مثيرة، في «البوندسليغا»، بين فريقي «ليفركوزن» و«بايرن ميونخ»! وهي «وصمة عار»، لرئيس وزراء بريطانيا «ريشي سوناك» الذي يتحدث عن ما يسميه «الإرهاب الفلسطيني» ويتجاهل إرهاب «الهندوس» ضد المسلمين في الهند، من أنصار حزب «بهاراتياجاناتا»، الذي يشبه في توجهاته المتطرفة، حزب «الليكود» في إسرائيل. وهم أولئك «الإرهابيون»، الذين هدموا المسجد «البابري»، في السادس من ديسمبر عام 1992، وتسببوا في صراع طائفي واسع النطاق، هو الأعنف في الهند، منذ استقلالها عام 1947. فأي قيم إنسانية، تتشدقون بها، يا «ساسة الغرب»، المنحاز لإسرائيل، وأنتم تتغاضون عن قتل الأبرياء، من الأطفال والنساء، في غزة، المخضبة بالدماء؟! وأي «حضارة»، تتباهون بها، وأنتم تؤيدون العدوان الوحشي الإسرائيلي، على الشعب الفلسطيني، وكأن الصراع بين الطرفين بدأ في السابع من أكتوبر، وليست له جذور تاريخية؟! وتتجاهلون أن «الطوفان»، جاء نتيجة سنوات من القهر والظلم والحرمان والاحتقان والعدوان، تفننت فيها سلطات الاحتلال، في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني. وما من شك، في أن العدوان الإسرائيلي، المتواصل على قطاع غزة، يكشف زيف شعاراتكم يا دعاة «السلام»، أقصد «التسليم»، أعني «الاستسلام» للواقع الاستعماري، الذي تريد أن تفرضه إسرائيل بالقوة، على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، والهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتمرير مشاريع «التطبيع»! أخيراً، إذا كانت الولايات المتحدة، حريصة في عهدكم، على تحسين صورتها المهزوزة، واسترجاع مصداقيتها المفقودة، في العالمين العربي والإسلامي، ينبغي على إدارتكم، إثبات أن حياة الفلسطينيين، لا تقل أهمية عن الإسرائيليين. وهذا يتحقق بالعمل الفوري، لوقف الحرب الهمجية، التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني. وينبغي عليكم، إثبات أن الحقوق الإنسانية، متساوية، ولا تتغير في سياستكم، باختلاف الأديان، والألوان، ولا يتم سحقها عندما يتفجر «الطوفان»! كما ينبغي عليكم إثبات أن «القانون الدولي» يشمل الجميع، بلا استثناء، ويطبق على الجميع بلا استعلاء. وهذا يعني ضرورة الضغط على إسرائيل، المتعجرفة، المتغطرسة، لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية. وينبغي عليكم أيضاً، تنقية الأجواء المسمومة في المنطقة، بسبب إنحيازكم لإسرائيل، والعمل على ترسيخ دعائم السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، على أساس «حل الدولتين». وبغير ذلك، ستبقى أيها «الرئيس بايدن»، في أنظار كل الشرفاء في العالم، أنك «المهادن» لحكومة الإرهاب الإسرائيلي. وأنك «المتهاون» مع انتهاكاتها الحقوقية ضد الفلسطينيين. وأنك «المتعاون»، مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، ضد الشعب الفلسطيني.