18 سبتمبر 2025

تسجيل

الوعي المجتمعي

02 نوفمبر 2022

لكل منا مجتمع يساهم فيه ويشاركه التجارب والخبرات وكذلك المصالح. ولكن هناك من يتميز بمشاركاته ويعكس تأثيراً إيجابياً في مجتمعه من خلال العديد من السلوكيات والأفكار المثمرة، بسبب فهمه وسلامة إدراكه للمشكلات المختلفة التي يواجهها المجتمع. فالفئة التي تُحدث تفاعلا بين نفسها وعالمها المادي المحيط بها يكون لها دور هام في التطور المجتمعي، سواء كان هذا الدور إيجابياً أو سلبياً، لكون الافكار الإنسانية قد تساعد على تطور المجتمع أو قد تكون عائقاً أمام هذا التطور. وبما ان الوعي المجتمعي ركيزة من ركائز تقدم أي مجتمع وتطوره، بل وله دور كبير في استقرار المجتمع والنهوض به والرفع من شأن أفراده. فإن أهميته تكمن في مستوى تطوره بالمجتمعات وضرورة توجيهه من خلال تعزيزه عند الافراد بشكل عام وفئة الأطفال خاصة، ليس فقط بسبب الآثار المترتبة على الحياة ولكن لمساعدتهم على تحقيق أقصى استفادة من تعليمهم في المدرسة، حيث يمكن للأطفال ذوي الوعي الاجتماعي القوي التكيف بسهولة أكبر مع البيئات المتغيرة، والانخراط في سلوكيات تخريبية أقل. علاوة على كونه نقطة انطلاق لمجتمع متحضر يتمتع أفراده بالوعي الايجابي. ويشير الوعي إلى "إدراك الإنسان لذاته ولما يحيط به إدراكاً مباشراً، وهو أساس كل معرفة". لذا فإنه لا يمكننا فصل الوعي المجتمعي عن الوعي الذاتي، لأننا بالكاد نستطيع التفكير في أنفسنا إلا بالإحالة إلى جماعة اجتماعية من نوع ما، ولا إلى الجماعة بدون الإشارة إلى أنفسنا. وإذا تأملنا الإدراك الواعي لكوننا جزءاً من مجتمع مترابط مع الآخرين وجدنا أن هذا التعريف يرقى بالفرد إلى مستوى واضح من الوعي لكونه جزءاً من كل أكبر. وهو يشمل المستوى الذي يعي فيه الفرد كيف ومتى يتأثر بالآخرين، وكذلك كيف يمكن أن تؤثر أفعاله في الآخرين ومحيطه المادي. ولا يكون ذلك التأثر والتأثير إلا من خلال الاهتمام بالآخرين ومشاعرهم سواء المعلنة او غير معلنة، وإدراك السياق والبيئة وإدارة العلاقات مع تقدمنا في النمو. كما تساعدنا مهارات الوعي الاجتماعي على فهم كيف يتناسب المرء مع المجتمع والعالم ويساهم فيه، وكذلك كيف نحصل على ما نحتاجه من العالم على المدى الطويل دون ان نتسبب بأي شكل من اشكال الضرر التي قد تلحق بالمجتمع أو البيئة المحيطة وكذلك الكرة الأرضية. ولهذه المهارات دور بارز في عملية فهم الاحتراف في مكان العمل، بالإضافة إلى تسهيل مشاركة المعلومات والتواصل والتعاون مع الآخرين. من وجهة نظر شخصية، يعد الوعي الاجتماعي جزءاً أساسياً من تكوين الصداقات والعلاقات، مما يساعدنا على عيش حياة سعيدة ومرضية من خلال الفهم العميق لأفكار الآخرين وإدراك ما هو حجم مخاوفك الحقيقية، والتركيز على الأشياء الجيدة بدلاً من التركيز على الأشياء السيئة. وهذا بدوره يساعدك في الحفاظ على سلوك إيجابي ونشر تلك الإيجابية لكل من هم حولك. ولتطوير الوعي المجتمعي علينا ان ننمي الوعي العاطفي لفهم ما يشعر به المرء وتقدير كيف يمكن للحالات المزاجية المختلفة أن تؤثر على من حولنا بشكل واسع ومنتشر. بالإضافة الى فن التحكم في الاستجابة لهذه العواطف وتوقع النتائج مع مهارة النظر في مشاعر وظروف الأفراد الآخرين واحترامها. لذا فإن معرفة نفسك هي الخطوة الأولى نحو معرفة الآخرين. إلى جانب ذلك، فإن توسيع وعيك الذاتي سيسمح لك أيضًا بالعمل على آلية الاستجابة الخاصة بك. مما يعني أنك ستعرف كيف تستجيب حاليًا للبيئات الاجتماعية المختلفة وكيف يمكنك تحسينها بالمستقبل من خلال التعاون مع الأفراد والمجموعات لإيجاد الحلول الأفضل لذاتك ومجتمعك مع أهمية مراقبة الآخرين ومشاهدة كيف يتفاعلون مع تعليقاتك ويتفاعلون مع الأحداث الخارجية المختلفة. لهذا، عليك أن تصبح أكثر تركيزًا وأن تستمع للآخرين بعناية أكبر لإلقاء نظرة خاطفة على الحالات العاطفية للناس. ويمكنك أيضًا طلب التعليقات من الأشخاص القريبين منك حول شعورهم تجاه مهاراتك الاجتماعية، كما يساعد التأمل اليقظ والممارسات الأخرى للحث على الهدوء كثيرًا في طريقك للتواصل مع الآخرين وبيئتك. كلما كنت أكثر هدوءًا واهتماماً، كلما أصبحت أفضل في مراقبة نفسك والآخرين والمواقف المختلفة للوصول إلى مستويات أعلى من الوعي في رحلة التطور البشري. الخلاصة، كلما تعمقت في أعماق نفسك، زادت سهولة صعودك لسلم الوعي.