10 سبتمبر 2025

تسجيل

نوارس.. المرزوقي (2)

02 أكتوبر 2019

المخزون الفكري والفني لهذا المبدع القطري مخزون ثر.. ذلك أن زاده المعرفي يتعدى سنوات عمره، ذلك أنه رصيد من الإرث العربي عبر المعرفة المرتبطة بعشق الأدب والفكر والفلسفة، فهو الكلاسيكي عبر مفرداته حتى النخاع، وهو صاحب ومريد رواد التجديد في إطار القصيدة العربية.. شاعر لا يقف أمام حالة ذات ارتباط بالمساحة المتاحة الضيقة، هو جزء من عين راصدة لخضرة الجبال في أوروبا.. والثلوج التي تغلف الواقع هناك. لا يقف أمام صورة أحادية ولا يرتمي أمام شكل.. هنا ماتيس، هنا ماني، هنا مايكل انجلو في تمثال موسى.. هنا فان جوخ بجنونه، وحتى سلفادور دالي بإبداعاته وغموضه.. وهذا ما يجسده عبر قصائده.. تعدد المنابع.. حتى يخيل للفرد أن هذا الشاعر الشاب قد عاش ألف ألف عام، زاده المعرفي بحق أكبر بكثير من عمره، نعم المعرفة كنز، ولذا فهو ينتقل من محطة لأخرى لا يسلم القيادة لشكل أحادي.. أو نمط.. أو يرتمي في أحضان الغواية الآنية كأن يترنم بالمفردة الشبيهة على حساب فضاءات الفصحى، المعرفة كنزه. ولكل قصيدة بنيتها وأسلوب الترنم بها، هو كلاسيكي في الفصحى.. ولكن هذا الإطار مرتبط به، عبر مفرداته الخاصة ومضامينه الخاصة، وعوالمه الخاصة، هنا رائحة المعري، البحتري معاً. هنا بن لعبون، والفيحاني.. وترانيم الرعيل الأول. وهم يجسدون معاناتهم مع أمواج البحر.. وأفراح الصغار لحظة وصول السفن المحملة بالخير والألم في آن واحد. هنا نجد ذواتنا أمام محمد علي المرزوقي.. عبر لغة خاصة، وثقافة موسوعية، لقارئ خاص يعي ويدرك أبعاد الحروف والكلمات، قارئ يدرك معنى الكلمات.. من هنا كان التردد في أن يعرفنا بنوارسه. نعم حلق بنوارسه بعد إحجام سنوات وسنوات وبعد هروب متكرر ومقصود كي يخلق مفاجأة لدى المتلقي ومن ثم يلقي بقفاز التحدي لمن لا يعرف أن الشعر كائن حي.. وأنها اكثر عمقاً من مفردات يتم صياغتها سوى الاستحواذ على لقب "شاعر" ذلك أن هناك مع الأسف من منح الشعر هشاشة في الطرح والتفاؤل. وافقد جمالية المعنى.. في واقعنا مع الأسف من بحث عن الشكل بعيداً عن المضمون ومن غلف المضمون بالغموض. وكأنما القارئ العربي يملك الوقت للوصول إلى المبتغى.. الشعر أبعد ما يكون من بعض الحروف والكلمات، والشعر أعمق من هذا بكثير.. الشعر عوالم من الإبداع وقبل هذا فكر وثقافة موسوعية.. وللكلام بقية. [email protected]