11 سبتمبر 2025

تسجيل

في موضوع اندماج بروة والدولي

02 سبتمبر 2018

الاندماج خطوة إيجابية لصالح البنكين  عرفت قطر البنوك لأول مرة في عام 1950 عندما افتتح بنك تشارترد أول فرع له في قطر، في وقت تزامن مع تصدير أول شحنة للنفط من البلاد. وتلا ذلك افتتاح فروع لبنوك أجنبية أخرى من بينها كرندليز الذي تحول لاحقاً إلى قطر الدولي. وفي عام 1965 تأسس أول بنك محلي هو بنك قطر الوطني، ثم استقر الحال على هذا النحو، حيث كان عدد البنوك كافياً لخدمة العدد المحدود من السكان لم يتجاوز 110 ألف نسمة في عام 1971. ومع ارتفاع أسعار النفط بقوة بدءاً من أواخر عام 1973، انضمت إلى النظام المصرفي في قطر بنوك محلية جديدة هي التجاري، والدوحة، والمصرف الإسلامي، والأهلي، ثم الدولي الإسلامي في عام 1991. وتوقف إنشاء البنوك بعد ذلك في عقد التسعينيات، وحتى عام 2005، عندما تأسست بنوك الريان والخليجي وبروة. والملاحظ من هذا الاستعراض السريع لنشأة البنوك في قطر أنها تنشأ وتتوسع في فترات الازدهار الاقتصادي والنمو السكاني السريع، وتتوقف عن النمو بخلاف ذلك. وهذه الملاحظة قد تبدو بديهية ومفهومة لأهمية عمل البنوك في حياة الناس في العصر الحديث. ومن هنا رأينا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أن الاقتصاد القطري ينمو بمعدلات مرتفعة جداً كانت تصل في بعض السنوات إلى ما بين 35-40% بالأسعار الجارية للناتج المحلي الإجمالي، وبنسبة تزيد عن 15% بالأسعار الثابتة. ومن هنا تأسس مصرف الريان برأسمال ضخم 2 مليار دولار؛ كان هو الأكبر بين رؤوس أموال البنوك القطرية، كما تأسس بنك الخليجي في نفس الفترة برأسمال يصل إلى مليار دولار قبل أن يتم تخفيضه إلى نصف مليار دولار بعد ذلك. المعروف أن عدد السكان في قطر قد تضاعف مرات عديدة، حيث ارتفع من 522 ألف نسمه في عام 1997 إلى 744 ألف نسمة في تعداد 2004، ثم تجاوز المليون نسمة في عام 2010، وتضاعف بعد ذلك ووصل إلى 2.7 مليون نسمة في بداية عام 2018، قبل أن ينخفض في الأول من أغسطس إلى 2.45 مليون نسمة. وقد استفادت البنوك القائمة في قطر من التطور التكنولوجي الهائل الذي لحق بآليات العمل الصرفي، وتوسعت منذ بداية الألفية في إنشاء العديد من الفروع التي تخدم الامتداد السكاني السريع خارج مدينة الدوحة. كما عملت البنوك على زيادة رؤوس أموالها بشكل مضطرد من خلال رسملة جزء من الأرباح المتحققة، وتوزيع أسهم مجانية على الجمهور، أو بالاكتتاب في زيادات متتالية في رؤوس أموالها. كما توسعت البنوك القطرية في فتح فروع لها في الخارج، أو بامتلاك حصص جزئية أو كلية في بنوك أجنبية. ومع وصول مشروع حقل غاز الشمال إلى طاقته الإنتاجية المصممة  وهي 77 مليون طن سنوياً، ومع عودة أسعار النفط إلى الانخفاض في عامي 2016 و2017، فإن فرص التوسع في الجهاز المصرفي قد ضاقت، ومن ثم تباطأ نمو البنوك العاملة بدولة قطر، واستقرت أرباحها، بل وربما تراجعت أرباح البعض منها. وفي مثل هذه الظروف تشتد المنافسة بين البنوك، ويبدأ البعض منها في التفكير بالاندماج، فكان مشروع اندماج الدولي مع بروة لتكوين بنك إسلامي جديد برأسمال أكبر، وبموجودات تصل إلى 80 مليار ريال، وبحقوق مساهمين تصل إلى 12 مليار ريال، وذلك ما  يضعه في مصاف كبريات البنوك الإسلامية في قطر وفي العالم. ومن المفهوم أن الاندماج  يعمل على تقليل التكاليف عن طريق دمج الوحدات المتشابهة، والاستفادة من الإيجابيات والخبرات المتاحة لدى كل بنك.  وستؤدي الاتفاقية الموقعة بين البنكين-كما قيل- إلى تجميع مراكز القوة الرئيسية لديهما في مجال خدمة الأفراد والشركات والمؤسسات الحكومية، وأسواق رأس المال، وإدارة الثروات، والأصول. وفي تقديري أن هذه الخطوة قد جاءت بعد إدراك المسؤولين في البنكين إلى أن السنوات التي ستلي عام 2022 ستشهد تراجعاً في السكان، مع ركود العدد الإجمالي عند مستوى 2 مليون نسمة حتى عام 2035 –كما قالت بذلك لجنة السكان. وهذا التراجع في عدد السكان سيؤدي بدوره إلى انخفاض في النمو الاقتصادي المتوقع-وهو ما تحدثت عنه في مقالي السابق- وهذا الأمر يستوجب حدوث اندماجات مصرفية.